عبدالواحد فضل يكتب...
العائلة والعِزوة... السند الحقيقي في هذه الحياة
العائلة ليست مجرد اسم نحمله أو نسب ننتمي إليه، بل هي نعمة عظيمة وهبة من الله تعالى، بها يشتدّ العود ويستقيم القلب ويأنس الإنسان في رحلة الحياة.
قال الله سبحانه وتعالى:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" (الحجرات: 13).
فالعائلة والقبيلة ليستا مجرد روابط نسب، بل هما نظام اجتماعي فطري أراده الله تعالى لحكمة، ليكون بين الناس تآلف ومودة ورحمة، وليتعلّم الإنسان معنى الانتماء والسند والتكافل.
العائلة هي الأصل، ومن يحافظ على أصله لا يضيع. ففيها الأب الذي يمثل القوة والقيادة، والأم التي هي الحنان والرحمة، والإخوة الذين هم السند في الشدائد.
وقد قال رسول الله ﷺ:
"من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه" (رواه البخاري ومسلم).
فصلة الرحم ليست فقط عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، بل هي أيضًا سبب في البركة وطول العمر واتساع الرزق.
ومع الأسف، في زمن تغلبت فيه الماديات والمصالح، أصبح بعض الناس يبتعدون عن أهلهم، وكأنهم نسوا أن قطع الرحم من الكبائر التي تُغضب الله.
قال النبي ﷺ محذرًا:
"لا يدخل الجنة قاطع رحم" (رواه مسلم).
تلك الكلمات تحمل إنذارًا شديدًا، بأن من يهمل رحمه إنما يحرم نفسه من رحمة الله قبل أن يحرمها من حنان العائلة.
وليس معنى العائلة مقصورًا على روابط الدم فقط، فالعزوة الحقيقية قد تكون أيضًا في الأصدقاء الصادقين الذين جمعنا بهم الموقف والمبدأ، والذين يقفون معنا في وقت الشدة قبل الرخاء.
إلا أن العائلة تبقى هي الجذر الثابت، الذي مهما ابتعدنا عنه، يعيدنا إليه الحنين والواجب والوفاء.
خلاصة القول، إن العائلة ليست عبئًا كما يتوهم البعض، بل هي ستر من الله وسند في الحياة، ومن حافظ على صلة رحمه، حفظه الله في دنياه وآخرته.
الله من وراء القصد وعلى الله قصد السبيل وهو الموفق و المستعان
