recent
أخبار ساخنة

بني هلال تسطر التاريخ من جديد برعاية نسر الصعيد/شيفاتايمز

 



بقلم/ أسماء مالك


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى" 

  قبيلة بني هلال، قبيلة من أعرق القبائل العربية على وجه الأرض.

لم تكن يوماً مجرد اسم في سجلات التاريخ، بل كانت ولا تزال نبضاً حياً يجري في عروق الحضارة العربية والإسلامية.

تمركزت اكثر في قلب صعيد مصر، حيث تمتد أراضي أسوان وقنا

قبيلة بني هلال بن عامر بن صعصعة، هذه القبيلة الهوازنية القيسية المضرية العدنانية، التي ضربت جذورها العميقة في رمال الجزيرة العربية، وحملت في رحلتها التاريخية الطويلة راية العروبة والإسلام عبر القارات. من نجد والحجاز، مروراً بصحراء مصر الشرقية، وصولاً إلى سهول تونس وبلاد المغرب، خطت بني هلال مساراً تاريخياً فريداً جعلها محور ملحمة إنسانية لا تُنسى.

من يقرأ سيرة بني هلال لا يقرأ مجرد أحداث تاريخية باردة، بل يغوص في أعماق ثقافة أمة كاملة، ويتلمس ملامح هوية حضارية تشكلت عبر قرون من الكفاح والعطاء والإبداع.

حيث تُعد "تغريبة بني هلال" من أعظم الملاحم الشعبية في التاريخ العربي، تضم أكثر من مليون بيت من الشعر، وتحكي قصة هجرة القبائل العربية من الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا في القرن الحادي عشر الميلادي. وثقها ابن خلدون في تاريخه، وتناقلتها الأجيال شفاهياً حتى صارت جزءاً لا يتجزأ من الوجدان الشعبي المصري.

إنها ليست مجرد حكاية تراثية، بل سجل حافل بالقيم النبيلة: 

الشجاعة والكرم، الوفاء والشهامة، الدفاع عن المظلومين ونصرة المستضعفين. ملحمة علمت أجيالاً من العرب معنى الرجولة الحقيقية والشرف الأصيل.

برز من بني هلال أبطال وشخصيات خالدة، منهم:

أبو زيد الهلالي وهو رمز الفروسية والشجاعة والكرامة.

دياب بن غانم القائد الحكيم الذي جمع بين الحزم والعقل.

دليلة الهلالية المرأة الفريدة التي لعبت دوراً محورياً في صناعة القرار وصياغة الأحداث.

هذه النماذج صنعت من بني هلال مدرسة إنسانية راقية للأصالة والكرم. 

رغم إرثها العظيم، تعرضت بني هلال في العقود الأخيرة للتهميش والإقصاء، فغاب ذكرها عن الإعلام والمحافل الرسمية وكأن دورها التاريخي توقف. هذا التغييب حرم مصر من طاقات هائلة كان يمكن أن تسهم في النهضة. لكن كما علمنا التاريخ، الشعوب الأصيلة لا تبقى في الظل طويلاً، والجذور العميقة لا تموت.

اليوم تعود بني هلال لتنهض من جديد في أسوان، بفضل أبنائها الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة.

واذكر منهم على سبيل القصر لا الحصر

من علماء الأزهر مثل الشيخ الدريني، وشخصيات الإصلاح والعمل المجتمعي مثل المغفور له المهندس احمد سيد والحاج محمود سيد والشيخ محمد حراجي والحاج نوبي محمد والحاج قناوي الكلحي، وأخيرا الشباب المثقف الواعد مثل:حمدي حجاج، عمرو محفوظ، الشيخ مصطفى الغول، محمد محمود الهلالي، إبراهيم حجازي.

وفي ميدان الإبداع الأدبي برزت أسماء نسائية لامعة:

رئيسة عبد الوهاب، أميرة محمود، جهاد حسن.

النهضة الحالية ما كانت لتكتمل دون ذكر "نسر الصعيد" وهو اللواء جودت عبد الجبار ، الذي جسد القيادة الحكيمة والرؤية الثاقبة.

جمع في شخصيته بين أصالة البداوة ورقي الحضارة، وبين الحزم والدماثة. لم يكتف بالحنين إلى الماضي، بل سعى لتوحيد القبيلة وبناء "الإنسان الهلالي الجديد":

 المثقف، الحافظ لكتاب الله، المتعلم، القادر على مواجهة تحديات العصر.

وذلك بمساعدة العقول الراقية من الشباب والسيدات وحكماء بني هلال

وكان هدفهم:

1. إحياء القيم الإسلامية والعربية الأصيلة.

2. دعم التعليم والتحصيل العلمي.

3. تشجيع حفظ القرآن والعلوم الشرعية.

4. ترسيخ روح العمل الجماعي والتعاون.

5. تعزيز المشاركة في خدمة المجتمع والوطن.

النموذج الذي تقدمه بني هلال اليوم هو مزيج متوازن بين الأصالة والمعاصرة، بين الهوية والانفتاح، بين الاعتزاز بالتراث وبناء المستقبل.

إن الشجاعة التي كانت في ميادين القتال صارت اليوم ليس في ساحات المعارك بل في ميادين العلم والمعرفة.

 ما تحققه بني هلال اليوم برعاية اللواء جودت عبد الجبار

هو درس بليغ يدل على أن الماضي العريق لا يتناقض مع المستقبل المشرق.

بني هلال تسطر الآن صفحة جديدة من تاريخها، صفحة تليق بماضيها العريق وتبشر بمستقبل زاهر. 

وتؤكد أن الذي عاش مهمشا  لحقبة من الزمن قادر إن يتحول بجدارة إلى خدمة المجتمع والتنمية.

 وأن الأمة العربية لا تزال قادرة على إنجاب القادة العظماء.

"وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم"

google-playkhamsatmostaqltradent