قصة قصيرة الساعة 00:00
بقلم الكاتب / أبوبكر صدقي
دقّت الساعة 00:00، معلنةً لحظة استيقاظه من نومه على المرتبة الضيقة ذات اللون الكحلي. تحرّك على جانبه الأيمن، مستعدًا للنهوض من مكانه والتوجه حيث ينبغي أن يكون. كانت العلوية التي ينام عليها مفتوحة على المزارع، يغمرها ظلام الليل.
صوت داخلي يخاطبه:
– لا بد أن تنهض، عليك البحث عن عمل، فبه ستكسب المال بسهولة، وستتمكن من الزواج بمحبوبتك. لا تنسَ ما قاله والدها عنك: "هلفوت، تافه، لن تصل إلى شيء في حياتك!"، ولهذا هو غير موافق عليك.
استدار على جانبه الأيسر، محاولًا إيجاد راحته في المساحة المحدودة للمرتبة، تلك التي قد يشاركه فيها آخرون. كان يعلم أن الفرصة التي أمامه تتطلب حركة سلسة، تمامًا كما ينتقل من الأيمن إلى الأيسر دون عناء.
حاول الاستلقاء على ظهره ليلتقط أنفاسه، لكن...
الساعة 00:00 تدق بلا توقف.
تُذكّره بنداء العمل، بضرورة السعي وراء الوظيفة قبل أن يستولي عليها آخرون، قبل أن يستعمرها من يتربصون بالمكان. عليه أن ينهض قبل أن تضيع فرصته.
حاول أن يقف، لكن المرتبة الصغيرة بالكاد تحتمل جسده الضخم. دفع نفسه للأعلى، متكئًا على يديه، محاولًا تثبيت قدميه على الأرضية الخشبية. المركبة التي حملته طوال الليل بدت وكأنها ترفض إطلاق سراحه.
لكنه لم يكن مستعدًا للاستسلام.
الساعة 00:00 لا تزال تدق...
هو يعرف جيدًا أن البقاء داخل الصورة يعني البقاء حيًا، حاضرًا، قادرًا على مواجهة المجتمع وإثبات نفسه. لا مجال للغياب، لا مكان للانسحاب. عليه أن يكون في قلب المشهد، حتى يقترب أكثر من محبوبته، حتى لا يكون بعيدًا عنها. البقاء في الصورة يعني نقاء الذهب، أو ربما صلابة الماس.
– الصمود واجب مقدس، همس لنفسه.
تحرك أخيرًا، شدّ ساقيه للنهوض، فوصلت قدماه إلى البلاط البارد، فوقه حصير مجدول، وتحت جسده المرتبة الصغيرة التي احتملته طوال الليل.
ذبابة اصطدمت بساقه بعدما انكشف طرف جلبابه، ونملة تقدمت لتلسعه بجرأة. كان النور يتغلغل في المكان، يعلن عن قدوم الفجر، وعن بداية جديدة.
**السا