ليلة النصف من شعبان.. نفحات إيمانية في رحاب مسجد خالد بن الوليد بالصالحية الجديدة
د/حسين السمنودي
احتضن مسجد خالد بن الوليد بمدينة الصالحية الجديدة بمحافظة الشرقية أمسية دينية عامرة بالروحانيات، وذلك بمناسبة ليلة النصف من شعبان، تلك الليلة المباركة التي تعد محطة إيمانية عظيمة في حياة المسلمين، حيث تتجلى فيها رحمة الله، ويستجيب فيها الدعاء، ويكتب فيها الخير لعباده. جاءت هذه الأمسية برعاية الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبعناية الدكتور محمد حامد، مدير مديرية أوقاف الشرقية، وفضيلة الشيخ سيد شبانة، رئيس الإدارات الفرعية، والشيخ ناصر عبد الأعلى، مدير الدعوة، وفضيلة الشيخ حازم رشاد، مدير أوقاف مدينة الصالحية الجديدة والقرين، وفضيلة الدكتور عثمان أحمد، مفتش المساجد، وفضيلة الشيخ محمد صلاح، إمام وخطيب ومدرس ، والدكتور أحمد العدوي،الإمام والخطيب بإدارة أوقاف الصالحية الجديدة. الذي تناول فضل ليلة النصف من شعبان، بينما تحدث الشيخ عبد الستار مجاهد عن حدث تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام
وأشار فضيلته إلى أن ليلة النصف من شعبان تحتل مكانة عظيمة في الإسلام، فقد وردت فيها أحاديث نبوية تدل على فضلها، ومن ذلك ما رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: "يطَّلع اللهُ إلى جميع خلقِه ليلةَ النصفِ من شعبانَ، فيغفرُ لجميعِ خلقِه، إلا لمُشركٍ أو مُشاحنٍ" (رواه ابن ماجه). هذه الليلة فرصة عظيمة للمؤمنين كي يراجعوا أنفسهم، ويجددوا توبتهم، ويتخلصوا من الأحقاد والضغائن، ويفتحوا صفحات جديدة من الصفاء والمودة.
وفي هذه الليلة المباركة، تُرفع أعمال العباد إلى الله، وفيها تتهيأ النفوس لاستقبال شهر رمضان بروحانية عالية وإيمان متجدد، ولهذا كان السلف الصالح يكثرون من الصيام والدعاء والعبادة في هذا الشهر، مستلهمين من قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة: 222).
ومن الأحداث العظيمة التي تواكبت مع ليلة النصف من شعبان، تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وهو حدث له دلالات عظيمة في العقيدة الإسلامية. قال الله تعالى في كتابه الكريم: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" (البقرة: 144). هذا التحول كان اختبارًا لصدق الإيمان، وتمييزًا للتابعين الصادقين عن المنافقين، كما كان تأكيدًا على استقلالية الأمة الإسلامية.
وقد تناول الشيخ عبد الستار مجاهد هذا الحدث خلال الأمسية، مبرزًا الحكمة الإلهية في هذا التغيير، وكيف أنه كان مرحلة جديدة في مسيرة الأمة الإسلامية نحو تحقيق هويتها الخاصة، بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.
وشهدت الأمسية حضورًا واسعًا من المصلين الذين توافدوا إلى المسجد للاستماع إلى الدروس والمواعظ والاستمتاع بتلاوة القرآن الكريم، حيث افتُتحت الليلة المباركة بآيات عطرة من القرآن الكريم تلاها الشيخ محمد إبراهيم إدريس، واختُتمت بالأناشيد الدينية والإبتهالات التي أضفت أجواءً إيمانية فريدة.
ولعب علماء الأوقاف بمدينة الصالحية الجديدة دورًا كبيرًا في إنجاح هذه الفعالية، حيث قدموا دروسًا دينية بأسلوب ميسر وشيق، يربط بين القيم الإسلامية وواقع الناس، ويؤكد أهمية الاستفادة من هذه الليالي المباركة في التوبة والرجوع إلى الله. وكان للدكتور أحمد العدوي حضور مميز في حديثه عن فضل ليلة النصف من شعبان، حيث ركز على أهمية الاستعداد الروحي لاستقبال شهر رمضان، والاستفادة من هذه الليلة في التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.
كما أن جهود وزارة الأوقاف بقيادة الدكتور أسامة الأزهري، وحرص مديرية أوقاف الشرقية على تنظيم هذه الفعاليات، يعكس الدور التوعوي الرائد الذي تقوم به الوزارة في نشر الفكر الوسطي، وتعزيز القيم الإيمانية في المجتمع، وتوجيه الناس نحو السلوك القويم، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم.
وهذه الليلة المباركة لم تكن مجرد فعالية دينية، بل كانت محطة إيمانية، عاش فيها الحاضرون لحظات من الخشوع والتضرع، حيث بدت وجوههم مستبشرة بنفحات الإيمان، وقد استشعر الجميع أهمية هذه الليالي في التقرب إلى الله، ونشر المحبة والسلام بين الناس.
لقد حملت هذه الأمسية رسائل عظيمة، أبرزها أن باب التوبة مفتوح، وأن الله يتقبل من عباده إذا أخلصوا نياتهم، كما أكدت على ضرورة تعزيز روح التسامح بين الناس، والتخلص من الأحقاد، والاستعداد لاستقبال شهر رمضان بقلوب صافية ونفوس نقية.
وما هذه الجهود التي يبذلها علماء الأوقاف إلا نموذج مشرف للعطاء، يجسد رسالة الإسلام في نشر الخير والوعي، ويؤكد أن المساجد ليست فقط أماكن للصلاة، بل منارات علم وإيمان، تنشر القيم الصحيحة، وتحصن المجتمع ضد الأفكار المتطرفة، وتقود الأفراد إلى طريق الحق والرشاد.