المحاسبة والميزان بقلم / الكاتب الإسلامي الشيخ خالد عبدالله /شيفاتايمز
قال تعالى
ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين
سورة الأنبياء ٤٧
فانتبه لكل شئ
حتى لو كلمة بسيطة
لا تساوى شيئا فى الميزان لو وزنت
ربنا تبارك وتعالى يحاسب على الذرة التى لا ترى
وعلى الفتيل والقطمير أهون الأشياء
فمن يعمل مثقال ذرة خيرة يره
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
قال تعالى
يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن العبد ليتكلم بالكلمة
من رضوان الله
لا يلقى لها بالا
يرفعه الله بها درجات
وإن العبد ليتكلم بالكلمة
من سخط الله لا يلقى لها بالا
يهوى بها فى جهنم
كان أبا بكر يأخذ طرف لسانه ويقول
هذا الذى أوردنى الموارد
وكان ابن مسعود رضي الله عنه أيضا
يعاتب لسانه
ويقول
يا لسان قل خيرا تغنم
واسكت عن شر تسلم
وإلا سوف تندم
ثم قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
أكثر خطايا ابن آدم من لسانه
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى
من حاسب نفسه قبل أن يحاسب
خف فى يوم القيامة حسابه
وحضر عند السؤال جوابه
وحسن منقلبه ومآبه
ومن لم يحاسب نفسه
دامت حسراته
وطالت فى كل عرصات القيامة وقفاته
وقادته إلى الخزي
والمقت سيئاته
وأكيس الناس من دان نفسه
وحاسبها وعاتبها
وعمل لما بعد الموت
واشتغل بعيوبه وإصلاحها
.. عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال
سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يوما وقد خرجت معه
حتى دخل حائطا فسمعته يقول
وبينى وبينه جدار
عمر أمير المؤمنين بخ بخ
والله بني الخطاب لتتقين الله
أو ليعذبنك
.. جاء رجل يشكو إلى عمر وهو مشغول
فقال له عمر
أتتركون الخليفة حين يكون فارغا
حتى إذا إنشغل بأمر المسلمين أتيتموه
وضربه بالدرة
فانصرف الرجل حزينا
فتذكر عمر أنه ظلمه فدعا به وأعطاه الدرة
وقال له إضربنى كما ضربتك
فأبى الرجل وقال
تركت حقى لله ولك
فقال عمر
إما أن تتركه لله فقط
وإما أن تأخذ حقك
فقال الرجل تركته لله
فانصرف عمر إلى منزله فصلى ركعتين
ثم جلس يقول لنفسه
يا ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله
وضالا فهداك الله
وضعيفا فأعزك الله
وجعلك خليفة
فأتاك رجل يستعين بك على دفع الظلم فظلمته
ماذا تقول لربك غدا إذا أتيته
وظل يحاسب نفسه حتى أشفق عليه الناس
.. كان عمر يضرب قدميه بالدرة
كل ليلة ويقول ماذا عملت اليوم
.. وكان حاتم الأصم رجل صالح
فاتته صلاة العصر فى جماعة
فصلَّاها فى البيت فجلس يبكى
فجاءه أصحابه يعزونه على فوات صلاة
فنظر إليهم وكانوا قليل فبكى
قالوا ما يبكيك رحمك الله
قال لو مات ابن من أبنائى
لأتى أهل المدينة كلهم يعزوننى
أما أن تفوتنى صلاة
فلا يأتينى إلا بعض أهل المدينة
ووالله لموت أبنائى جميعا
أهون عندى من فوات صلاة الجماعة
فاغتنم طاعة الله تعالى
قبل أن تندم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة
من عند ربه حتى يسأل عن خمس
عن عمره فيما أفناه
وعن شبابه فيما أبلاه
وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه وعن عمله ماذا عمل فيه
وكان الأحنف بن قيس لا يفارقه المصباح بالليل
فكان يضع إصبعه عليه
ويقول لنفسه
ما حملك على فعل كذا وكذا
وقابل الفضيل بن عياض رجلا بلغ من الكبر عتيا
فسأله كم عمرك
قال الرجل ستون عاما
قال الفضيل توشك أن تصل إلى الله
قال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون
قال الفضيل هل عرفت معناها
قال الرجل نعم
عرفت أنى لله عبد
وأنى إليه راجع
قال الفضيل
إذا عرفت أنك لله عبد
وأنك إليه راجع
عرفت أنك مسؤول
وإذا عرفت أنك مسؤول
فأعد للسؤال جوابا
قال الرجل وما الحيلة يرحمك الله
قال الفضيل يسيرة
أن تتقى الله فيما بقى
يغفر الله لك ما قد مضى
كلنا نخطئ
لكن يجب أن نستغفر ونرجع
فنكون من الأوابين والتوابين والراجعين المقرون المعترفون بذنوبهم وخطاياهم
كلنا نحتاج توبة وأوبة
والله تعالى غفار الذنوب جميعا
إلا الشرك
فالله تعالى لا ينسى والحساب عنده على كل شئ
ولو أنا إذا متنا تركنا
لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا
فنسأل بعده عن كل شئ
نحاسب على كل شئ
على من لا تظن أنك لن تحاسب عليه
وقفوهم إنهم مسئولون
وزنت أعمالى فلم أجد
إلا خفة الميزان
فحاسبت نفسى وعاتبتها
فمن أرجو إلا رحمة الرحمن
وطاب اللقاء بكم
ويتجدد فى جديد بإذن الله تعالى
والشكر موصول
المحاسبة والميزان بقلم / الكاتب الإسلامي الشيخ خالد عبدالله /شيفاتايمز