✍🏻 دكتوره رشــــــــــــــا ضــــــاهـــر
في إحدي مدن نيجيريا حيث انتشار الفقر بشكل مخيف كانت تقيم (ليندا) فتاة في السابعة عشر من عمرها طويلة ممشوقة القوام سمراء البشرة ذات عينين جميلتين ساحرتين نظراتها لا تخطف قلبك فقط بل تبتلعه ابتلاعاً لتصير مسلوب الإرادة أمامها من أول نظرة ...
أما حكيم هو من إختطف قلب ليندا ربما لأنه لا يبالي بجمالها لم يفرش الأرض بدقات قلبه عند ذهابها ورواحها أمام ورشته الصغيرة ولكنه تعمد ذلك ...كم من الرجال سعوا وراءها بلا نتيجة فكانت مهمومة بأسرتها والفقر التي كانت غارقة فيه هي وأسرتها وثقتها بجمالها منحتها عدم اكتراث لكل من يتقرب إليها ...
رغم عدم وسامة حكيم علي الإطلاق ولكنها كانت تراقبه ..ورشة الحداده لديه يصنع أشياءاً بسيطة مثل أبواب المنازل والمحلات الحديدية ..كانت تعشق قوته البدنية تستمتع بالنظر اليه من نافذة غرفتها وهو يحمل الحديد على كتفيه وهو يستعمل ٱلة اللحام ويتطاير الشرر فينقبض قلبها وهو لايهتز له شعرة ... لون جلده الأسمر الذي يلمع بعد إمتزاجه بالعرق نتيجة مشقة العمل .. كانت خشونته تهتز لها جميع أركان إنوثتها ..
أحبته وأحبها ولكنه لم يعلن عن ذلك الحب كان بالدهاء الكافي ليجعلها تتعلق به أكثر ولا يلهث وراءها كما يفعل الكثير حتي يستطيع إمتلاكها حق إمتلاك .
حينما تقدم للزواج منها كانت في سن الثامنة عشر ... كانت تعمل لدي مصففة شعر... تعمل بأجر يومي تأتي بالكاد بقوت يومها ولو فاض القليل تشتري لأخيها طعام أو ثياب جديدة
مر عاماً علي زواجهما بعد زفاف بسيط أمام منزل أبيها ... ورزقهما الله بطفل جميل يشبه ليندا كثيرا ونظرات والده الحادة ..
تدهور حال الورشة فجأة وضاق الرزق الذي كان بالأصل ضيق وزادت المشاكل والخلافات بينهما حتي القوت بالكاد يحصلون عليه وتطورت خلافاتهم لعنف وإهانات
كانت هناك دار للأيتام مشهورة .. ولكنها كانت تعمل بأعمال مشبوهة مثل الإتجار بالأطفال .. توليد النساء اللاتي تم إغتصابهن وأخذ أطفالهن وإستغلالهم في كل شيء. بيعهم للمصانع للعمل كعمال او كخادمين لدي الأغنياء وقبض الثمن
وأحيانا شراء أطفال من أهلهم غير القادرين علي تحمل مسئولياتهم المادية
ولأن حكيم اتَّسم بقسوة القلب كالحديد الذي كان يصنعه ذات ليلة فجراً بينما ليندا كانت في نوم عميق بعد يوم طويل من عملها الشاق في محل تصفيف الشعر أخذ الطفل وذهب لدار الأيتام وباعه وأخذ الثمن وعاد للمنزل ونام بجوار زوجته وكأن شيئاً لم يكن ...
إستيقظت ليندا فجأة في السابعة صباحاً وكأن قلبها اقتلع في المنام من صدرها باحثة عن الولد لم تجده فايقظت حكيم وهي تصرخ (أين إبننا؟ ) وقام بتمثيل دروه بمنتهي البراعة بدءاً من افتعال الذعر وحشرجة صوته وعيناه الدامعتان .. أيام وأيام حتي فقدت الأمل .... ولكن كان داخلها يقين بأن حكيم له يد ف الموضوع .. فكانت كل خيوط الثقة بينهما قد تمزقت
وأتى صباح أحد الأيام وحكيم ينظر شارداً من النافذة وفي يده اليمني السيجارة العاشرة علي التوالي التي أنهاها في أقل من دقيقة ويده اليسري متكئاً بذقنه عليها شاكياً فقر حاله للطريق ... حتي أنهي سيجارته دون أن يشعر لسعتها فألقاها علي الأرض ودعسها بقدميه بمنتهى العصبية والغل وكأنه يدعس قلة حيلته تحت قدميه ... ليستدير ويجد ليندا تقف خلفه سائله ( إذن ما الحل يا حكيم ؟ هل سنظل هكذا؟) فأخبرها أنه سيذهب لمكتب سفريات يقوم بترحيلهم لليبيا ومن ليبيا لإيطاليا عبر الصحراء .. ورغم خطورة هذه الرحلة إلا أن ليندا لم تعترض ولم تخف عليه مات شيئا كبيرا في قلبها بعد إختفاء إبنها وبعد أن رأت قسوة حكيم في معاملتها وضربها وإهانتها ...
سافر حكيم أو هرب وإنقطعت اخباره لم تذهب غير مرة واحدة لمكتب السفريات وأخبروها انهم لايعلمون شيئا فكثيرون في تلك الرحلات يموتون جوعا وعطشا ف الصحراء وكثيرون أيضا يصلون للهدف.....
وكأنها كانت تؤدي واجب ليس أكثر لم تعد تسأل
عادت ليندا لمنزل أهلها واشتد ضيق الحال أكثر فكانت تتحمل فوق عبئها عبء اخيها وابيها وامها....
فكرت كثيرا حتي تقتنع بفكرة إحدي صديقاتها بالسفر عن طريق إحدي الأشخاص الذين يقومون بترحيل الفتيات لدول اوروبا وخاصة إيطاليا ...وبالفعل بدأت في أخد الخطوات وأخبروها أنهم سوف يتكفلون بمصاريف سفرها ولكن عليها سداد الدين وعادة قبل السفر يقومون بعمل شعائر من السحر والخزعبلات لإقناع الفتاة ان لم تقوم بسداد الدين ستطاردها لعنة السحر الاسود في كل مكان ...
بعد رحلة شاقة وصلت ليندا لإيطاليا وتم تسكينها في غرفة صغيرة في إحدي الأحياء الفقيرة ... ولكنها كانت غير مكترثة بكل هذه التفاصيل ..أخبروها أنها صباحاً ستقوم بمقابلة المدام
المدام عادة في استقبال فتيات نيچيريا الذي تتراوح أعمارهن مابين الثامنة عشر حتي الخامسة والعشرين وفي البداية تبدأ بإقناعهن بمساعدتها بأعمال منزلية لدي إحدي البيوت ولكن يوم بعد يوم لا يوجد شيء من هذا وتطالبهن بسداد الدين.
ذهبت ليندا بصحبة شخص تم إرساله اليها لتوصيلها من قبل المدام ...
باب حديدي كما لو كان سجن منيع لا يخشي طلقات الرصاص ولا أي هجمات غير متوقعة ...فُتح ليطل علي بهو متسع إتساع مخيف وعلي الجانبين كراسي موضوعه بغير تنسيق وزجاجات مشروبات روحية مكسورة وملقاة في كل بقعة في المكان كما لو كانت بقايا إحتفال صاخب ...
باب حديدي ٱخر ولكن أصغر حجماً ولكن ليس أقل صلابة من سابقه تدخل ليندا منه لتجد صالوناً فخماً واضاءات رغم خفوتها إنما تبعث علي الريية وسيدة جالسة علي مقعد بأيدي ذهبية كما لو كان كرسي العرش سيدة بدينة سمراء البشرة يبدو انها من إصول إفريقيه تضع أحمر شفاة لونه شديد الحمرة شعرها قصير جداً ترتدي فستاناً طويلاً ضيق بصدر مكشوف وشم مخيف علي صدرها بلون إسود قاتم وكأنه سحر أو علامة انتماء لمنظمة بعينها .
وقفت السيدة بمجرد أن وقعت عينيها علي ليندا وأخدت تحوم حولها كما تحوم الفريسة تلتهمها بعينيها ثم اقتربت من أُذنها وكان صوتها أجش (تستاهلي تكوني معانا حقيقي ناقصك حبة تظبيطات وهاتبقي جاهزة ) وأخبرتها أنها سوف تعمل بمنزل أحد الكبار بالمدينة إرتعبت ليندا وساورها الشك ولكن ضيق الحال جعلها تنفي شكوكها سريعاً
مرت ايام تلو الأخري ولم يأتها أي اتصال سوي اتصال واحد من إحدي جاراتها تخبرها بأن ابنها شاهد حكيم يحمل الطفل فجراً ويعدو به .ولكنه كان خائف أن يخبرها خوفاً من بطش حكيم ...
ومن ثم تواصل معها شخص غريب يخبرها بضرورة سداد دينها والا سيحدث لها ولأهلها ما لا يحمد عقباه
ومن هنا بدأت تنكشف النوايا .. وأجبرت ليندا علي فعل ما كانت تخشاه انضمت دون أن تعلم لأكبر شبكات الدعارة التي يتم استقطاب فتياتها من نيچيريا الي دول اوروبا خاصة ايطاليا وألمانيا
إجبارها علي إصطياد رجال أعمال من ذوات النفوذ عن طريق حفلات المدام .. شاهدت ليندا ما لم تكن تسمع به في حياتها حتي قصص صديقاتها المريبة عن الرجال لن يمر فيها أي مشهد مثلما شاهدته ليندا من السادية والتعذيب وأحياناّ اللاشيء .....عالم مريب لم تكن تتخيل ان ينقلها اليه عالمها الصغير... وعند اعتراضها كانت تتعرض لكافة أنواع العنف من رجال المدام حتي النقود التي كانت تحصل عليها أغلبها كان يحول بإسم المدام في حساباتها التي لا تعد ولا تحصى
يوم الأربعاء إحدي حفلات المدام الصاخبة ترتدي ليندا فستاناً أخضر طويلاً ضيقاً حمالات رفيعة عقد لولي حذاء أبيض كعب عالي ولكنها لن تتخلى عن قصة شعرها( الراستا)
حتي لفتت نظر إحدي كبار رجال الشرطة الإيطالية وأخذ يطيل النظر لعينيها وابتسم لها وطلبها من المدام فكانت النساء كما لو كانت قطع حلوي ف المحلات يختار الرجال منهم ما تشتهيه غرائزهم .. وبعد أن حدث ما حدث دار حوار بينهم وربما كانت العناية الالهية جعلته يجيد الإنجليزية ليفهم لغتها ....رغم فساده ولكن تبقي من إنسانيته القليل روت له ليندا ما حدث وأنها تريد الهروب لبلد ٱخر وتتخلص من براثن المدام وأخبرها أن هناك دار أيتام كبيرة بنيجيريا تخص المدام تبيع وتشتري الأطفال ... شرد قليلاً ثم أمسك بهاتفه وأجري اتصالاً بالمدام ليخبرها كم هو منتشي ومبهور بتلك الليندا ويريدها معه في إحدي سفرياته لعدة أيام وبالطبع لن ترفض المدام فالشرطة لا يرد لها طلب بالأخص شخص بتلك الرتبة
وبالفعل نجح في تهريبها خارج البلاد لمصر وبالفعل بدأت ليندا بالعمل عن طريق إحدي مكاتب تشغيل العمالة في إحدي ڤيلات كبار رجال الاعمال بمنطقة الشيخ زايد .. أخدت تراعي طفلهم كما لو كان طفلها .....
تشرد احيانا وهي جالسه في غرفتها تغمض عيناها تتذكر ملامح رضيعها تبكي أحياناً تتعلق بأمل زائف أحياناً ...مرت أكثر من عشر سنوات علي تلك الحال ..وكل يوم قبل موعد نومها كانت تطيل النظر لجسدها أمام المرٱه وتنظر علي آثار تعذيب الرجال والمدام لها ....ندبة فوق عينها اليسري جرح طولي على ذراعها الأيمن خدش برقبتها .رجال حفروا اسماءهم علي جسدها بكل وحشية حرق كبير في ظهرها من المدام حينما رفضت العمل ذات يوم لم تخبر أحد بقصتها خوفاً من طردها ...
إعلانات تملأ شوارع الشيخ زايد بافتتاح اكبر سلسلة محلات تصفيف الشعر للنساء في مصر (الملكة)
صاحبة المنزل كانت رقيقة عطوفة ..ذات صباح أخبرت ليندا أن يذهبوا سوياً لتصفيف شعرهم قائلة( مش هاتغيري تسريحة شعرك يا ليندا لو عملتي كده ممكن ياخدوكي ف الإعلانات انتِ زي القمر يا ليندا ..كئيبة ليه بس دايماً يالا تعالي معايا ) فأخبرتها ليندا أنها سوف تذهب معها لخدمتها فقط ولكنه ليس لديها الرغبة في تغيير هيئتها وذهبا سويا واعتادا الذهاب سوياً ليندا تذهب كنوع من أنواع التنزه ليس أكثر ..رغبتها في أي شيء كانت معدومة ...
يوم الخميس الرابع من اغسطس تاريخ لن تنساه ليندا ماحيت أثناء خروجها مع سيدة المنزل من محل تصفيف الشعر رأت موكب كبير وكأنه يشهد حضور أحد الوزراء لمؤتمر كبير .
أفخم أنواع العربات من أفخم الماركات لتهبط من عربة مرسيدس بعد ان فتح لها السائق بابها سيدة بدينة سمراء اللون ولكن أخد العمر من ملامحها الكثير وٱثار حقن الفيلر والبوتكس جعلتها كالمسخ ولكن كيف لن تتعرف ليندا علي تلك الوجه الذي أذاقها العذاب أياما وأيام
بعد أن عادت للمنزل ذهبت لغرفتها أمسكت بورقة وقلم وخطت التالي ( سيدتي منال أحمل لكي بداخلي كل الحب والإحترام.. وقصت لها قصتها كاملة وأخبرتها بأن لا تغضب منها ولكنه تار بائت وعمر أُهدر رغماً عنها )
اخفت الجواب في إحدي أدراج دولابها تحت ملابسها حتي صباح اليوم التالي ظلت تنتظر أمام المحل وكررت الفعل هذا كل يوم لمدة إسبوع حتي حضرت عربة المدام ودخلت المحل فدخلت ليندا وراءها وكانت تعلم أنها تطلب فتيات للعمل وكانت ليندا على يقين أنها تطلب فتيات لأعمال مشبوهة وكانت تخفي مقص بحقيبتها ....فتحت باب غرفة المدام واغلقته ورائها ثم هجمت عليها كما يهجم الذئب علي فريسته أكثر من عشر طعنات برقبتها حتي سالت دماؤها ولطخت كفي ليندا
تجمع العاملين علي صوت صرخات المدام ووقفوا في ذهول وإذا بليندا تمسح جسدها بدم المدام وكأنها توشمه بوشم الإنتصار كما وشموها بوشم الخزي والعار وأخدت تحل ضفائرها وتضحك ضحكات هيستيرية كمن أصابته لوسة

