recent
أخبار ساخنة

حكاية طفولتي بقلم /رشاضاهر شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
الصفحة الرئيسية



 
✍🏻 رشــــاضـاهـر







 الثمانينات .. اول عام دراسي  لذات الست سنوات.. لم يعلم أحد عالمها الطفولي الخفي .ولدت بعيب خلقي في يدها اليسري  فاقدة ثلاثة أصابع  وكان كعب قدمها بعد عمليات عدة  بالكاد يلامس الأرض . كل ذلك بسبب اهمال طبيب أعطي والدتها  عقار غير مسموح به أثناء الحمل ...
 كانت تنزوي في غرفتها تنظر ليدها اليسري أصبعين ملتصقين اسمتهما الجدة بثينة علي اسم  جدتها التي كانت تحبها كثيراً والأصبع الثالت المبتور اسمته مع باقي اصابع  يديها  مابين اسماء اولاد وبنات وكأنهم احفاد الجدة وصارت تبدأ لعبتها  كل يوم مع الجدة وأحفادها بإختراع أحاديث ومواقف. وحيدة في غرفتها  . كانت تخبيء يدها خلفها او داخل  جيب مريلتها الصغيرة  وتقف في ٱخر الطابور حتي لا يلاحظ أحد ان كعب قدمها لا يلامس الأرض  رغم وعودها الكثيرة لأمها وأبيها أن لا تفعل ذلك ثانية وستواجه الأمر .  ولكن نظرات الأطفال وأسئلتهم البريئة الساذجة كانت تؤرقها (هل كان  هذا حادث ؟ يا ماما ايه ده؟ أنا بخاف من شكل ايدك اوي ) 
وحينما يشاء القدر أن تكون في منتصف الصف كانت تشعر أن لها عيون في مؤخرة راسها بين عنقها والجمجمة تري بها نظرات الواقفون خلفها ف الصف وهم ينظرون لفروع الشجر الجراحية التي تركها الجراح ذكري لها بقية العمر  علي قدميها اثر العمليات املاْ في إصلاح قدميها .
 بعد كل مواجهة كانت تنزوي في غرفتها باكية دون أن يشعر بها  أبيها وأمها حتي لا يوبخوها ويتهموها بالضعف .
 
 كانت تشاهد راقصات البالية يقفون علي أطراف أصابعهم مثلها  وتحاول تقليدهم وترقص وترقص وتضحك بصوت عالي ضحكات طفولية  مليئة  بالبهجة  حتي تقع من كثرة الضحك علي الاريكة وتحتضنها امها وتقبل جبينها ..
 تتذكر ذلك اليوم الملعون بكل تفاصيله حينما ذهبت لشرب المياه  ثم أخذت تعدو في فناء المدرسة مسرعة حتي تلحق بالحصة الرابعة تتذكر شكل السلالم والدرابزين الأخضر التي كانت تقبض عليه بيدها وهي تصعد السلم مسرعة حتي يحفظ اتزانها  تعدو بالطرقة المؤدية لفصلها   وما أن لمست مقبض باب الفصل حتي سمعت المعلمة  توزع علي الطلبة ورق الامتحان التي قامت بتصحيحه وقالت المركز الأول حصلت عليه الطالبة وذكرت اسمها بدون اسم والدها فقامت طالبة اخري فقالت لها (لا مش انتِ  فلانة أم صوابع مقطوعة هي فين ؟  ) تسارعت دقات قلبها  وانفاسها اللاهثة  من شدة البكاء خلف الباب  ثم مسحت دموعها مسرعة حتي لا تُظهر ضعفها .لم تترك أي دليل علي بكائها سوي قطرات دمع تساقطت علي قميصها اللبني فبللته .
بعد مرور يومين ومازال الحزن الذي لا تعرف عنه غير  وخزة القلب التي شعرت بها لا تعلم حتي اسمه فهي صغيرة بما يكفي ولا تعلم شيئأً عن تلك المشاعر .
في حصة الدين  استمعت للمعلمة تقول بصوت عالي الله جميل يحب الجمال الله لا ينسانا أبدا .. وقفت بكل براءة صائحة كيف هو جميل وخلق يدي بهذا الشكل؟ ..كيف لا ينسانا ونسي أصابعي الثلاثة ؟وهل الملائكة تحتفظ بهم وحين أذهب اليه سأستردهم  مرة  ثانية كما اخبرتني أمي ؟
تبتسم  المعلمة وتذهب اليها وتحتضن يدها اليسري بكلتا كفيها  بكل محبة مجيبة ليس كل شيء كامل الكمال لله ولكن  الله خلق لنا طفلة ماهرة في دراستها تُضحكنا وتلقي الشعر في هذه السن الصغيرة بمنتهي المهارة  اليس  هذا كافي ؟ أما بالنسبة للملائكة سيحملونها ويضعون التاج الذهبي فوق رأسها بعد أن ترتدي الفستان الأبيض وتحمل الزهور وسيكافئونها بالجنة وبألعاب كثيرة  لأنها كانت قوية وراضية وتعلمت أن لا تخفي يدها وتواجه كما نصحتها أمها ثم قبلتها  معلمتها علي جبينها ...
  ومرت أيام وجاءت طالبة جديدة للصف أمرتها المعلمه أن تجلس بجوارها  فما ان لاحظت قدومها حتي  اخفت يدها ثم تراجعت ودقات قلبها تتسابق لتستعد للمواجهة من جديد وتردد علي مسامعها كلمات أمها  (أنتِ زي كل الناس .لا إنتِ  اشطر وأحسن منهم كلهم .أنتِ مميزة) ووضعت يدها  وفردتها علي الدرج أمامها وكأنها تتعمد أن تُريها لشريكة المكان فما ان جلست زميلتها ونظرت ليدها نظرة عابرة  تعمدت اخفاءها وابتسمت  وقالت لها. ( ازيك انا معرفش حد هنا ممكن نبقي أصحاب؟ انتِ أسمك إيه؟)   فأجابتها رشا وانت؟ رانيا   وابتسما بعد أن أسكتتهم المعلمة ( ممنوع الكلام بصوا علي السبورة )
 حرب كانت ستشن ولكن بعث الله بجنوده الطيبين لتهدأ عواصف نبضها   .جعلوا  كل شيء هاديء ودافيء ومحب ❤️❤️ 
اللهم ابعد عنا القاسية قلوبهم وارزقنا بمن نفخت في أرواحهم من جميل رحماتك ونفحاتك
google-playkhamsatmostaqltradent