recent
أخبار ساخنة

"سر السعادة الحقيقية" /شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
"سر السعادة الحقيقية" 

بقلم الشيخ عبدالرحمن ماهر

أولًا: عليك أن تعلم أن العبد يتقلب بين ثلاثة أمور: نعمة، وابتلاء، وذنب.

أما الأولى؛ وهي النعمة، فلها ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة الله. فإذا فعل العبد ذلك، فقد شكرها -مع تقصيره في شكرها– كما فعل الله مع عبده ونبيه سليمان عليه السلام، حين أعطاه ملك الأرض، وملك الجان، وملك التصرف في الرياح. قال سليمان عليه السلام:
{قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}.

وأما الثانية؛ وهي الابتلاء، فوجب على العبد فيه الصبر والتسلي.
والصبر له ثلاثة أركان:

حبس النفس عن السخط،

وحبس اللسان عن الشكوى،

وحبس الجوارح عن المعصية.


فإذا قام العبد بها، انقلبت المحنة في حقه إلى منحة، وصار البلاء عطاءً، وصار المكروه محبوبًا، فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته، كما فعل مع نبيه أيوب عليه السلام، حين ابتلاه بالمرض ثمانية عشر عامًا، وبنقص الأموال والأولاد حتى الزوجات، فصبر أيوب على ذلك، بل أحسن في صبره حين نسب هذا الضر الذي أصابه إلى الشيطان، فمدحه الله في القرآن بلفظ العبودية، فقال تعالى:
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}
فجزاه الله عن هذا الفعل خير الجزاء، فرد له أهله ومثلهم معهم، وشفاه الله من هذا المرض.

وأما الثالثة؛ وهي الذنب، فإن العبد دائم الوقوع في الغفلة، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:
"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".

وليعلم القارئ أن هذه الغفلة التي يقع الإنسان فيها، لهي باب من أبواب الرحمة التي جعلها الله في الأرض، فلرب توبة أورثت ذلًّا وانكسارًا وطاعة.
وقال بعض السلف: "إن العبد ليعمل الذنب فيُدخل به الجنة، ويعمل الحسنة فيُدخل بها النار".
قالوا: كيف؟
قال: "يعمل الذنب، فلا يزال نُصب عينيه، منه مشفقًا، وجِلاً، باكيًا، نادمًا، مستحييًا من ربه سبحانه وتعالى، منكسر القلب، فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة، بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه، حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة.
وإن العبد ليفعل الحسنة، فلا يزال يمنّ بها على ربه، ويتكبر بها، ويقول: فعلتُ وفعلتُ، فيورثه من العُجب والكبر والفخر، ما يكون سببًا لهلاكه، فإذا أراد الله بهذا المسكين خيرًا، ابتلاه بأمر يكسره به، ويُذِلّه، ويصغره، وإن أراد به غير ذلك، خلاه لنفسه".

فاللهم اجعلني ممن إذا أنعمت عليه شكر، وإذا ابتليته صبر، وإذا أذنب استغفر.
والله ولي التوفيق.

بقلم الفقير إلى ربه: ش. عبدالرحمن ماهر
google-playkhamsatmostaqltradent