recent
أخبار ساخنة

العتاب من باب المحبة… /شيفاتايمز

 بقلم /اماني كمال _ أدفو

كثيرًا ما نعتقد أن العتاب وسيلة لإصلاح العلاقات وضمان استمراريتها، فنلجأ إلى معاتبة من نراه قد قصّر في حقّنا، ظنًّا منا أن هذا العتاب نابع من المحبة، وأنه كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها. غير أن الواقع كثيرًا ما يُثبت عكس ذلك.

فالذي يقع عليه اللوم قد يظن أنه شخص سيئ في ذاته، لا أن فعله هو الذي كان خاطئًا، وهنا تكمن المشكلة؛ إذ يتولد في نفسه شعور بالدونية أو الانزعاج. بل قد يتحول الأمر إلى دائرة من اللوم المتبادل، لا لأن أحد الطرفين يريد الإصلاح، بل لأن كلاً منهما يسعى لإثبات ذاته أو استرداد كرامته، فيتحول العتاب إلى صراع خفيّ لا إلى جسر تواصل.

وتنتهي هذه الدائرة المغلقة – غالبًا – إلى النفور والتباعد، بدلًا من التفاهم والقرب، ويخسر كل طرف الآخر، رغم أن النية الأصلية كانت الإصلاح.

ولعلنا في هذا السياق، نتعلّم من هدي النبي الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان أعظم قدوة في التعامل مع الناس، وكان يتجنب اللوم المباشر ما استطاع، ويحرص على التوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة، دون جرح للمشاعر أو تعنيف.

من مظاهر عتاب النبي صلى الله عليه وسلم:

1. التوجيه غير المباشر:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يوجه أو يعتب، لا يُسمّي أحدًا بعينه، بل يقول:

"ما بالُ أقوامٍ يفعلون كذا وكذا؟"
(رواه البخاري ومسلم)
فيُوصل الرسالة دون أن يُحرج أحدًا، ودون أن يُشعر المخطئ بأنه مستهدف.

2. مراعاة الحال والرفق في العتاب:
حين أطال أحد الصحابة الصلاة بالناس، قال له النبي صلى الله عليه وسلم:

"يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم أمّ الناس فليوجز، فإن فيهم الكبير، والضعيف، وذا الحاجة"
(رواه البخاري)
فعاتبه بأسلوب فيه تعليم ورحمة، راعى فيه ظروف الناس دون أن يُحرجه أو يُقصيه.

3. التماس الأعذار وتجنّب اللوم في غير محلّه:
في مواقف كثيرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعاتب أصحابه إذا صدر منهم تقصير غير متعمَّد، بل كان يلتمس لهم الأعذار، ويُعالج الموقف بلين ورحمة، مستحضرًا أن الخطأ جزء من الطبيعة البشرية.

خلاصة أسلوب النبي في العتاب:

يتجنب كثرة اللوم.

يوجه بلطف غير مباشر.

يستخدم العبارات العامة.

يتفهم الأعذار والظروف.

يقدم النصيحة دون تجريح أو إهانة.

فهلّا اقتدينا بهديه، وراجعنا أسلوبنا في العتاب، لنُحيي به المودّة بدل أن نُطفئها، ونُرمم العلاقات بدل أن نهدمها؟

خليك فاكر دايمًا كده... مش كل عتاب دليل محبة، وأحيانًا الصمت أبلغ من الكلام، والرحمة أقوى من اللوم.
google-playkhamsatmostaqltradent