حسين السمنودي
إحنا عايشين في الدنيا دي ومشغولين بأكلنا، بشغلنا، بخططنا، بحاجات بتكبر جوانا كل يوم، بس قليل لما نسأل نفسنا: أنا هقابل ربنا إزاي؟
هو سؤال مرعب ومريح في نفس الوقت، بيخوفك من حاجات أنت كنت بتتجاهلها، وبيطمنك لو كنت ماشي في طريقك وبتحاول، حتى لو بتقع كتير.
مفيش حد بيموت فجأة… حتى اللي بنقول عليهم ماتوا فجأة، ربنا كان بيحضّرهم من زمان، يمكن من أول دمعة نزلت على خدهم، من أول إحساس بالخوف أو الحنين لحاجة مش فاهمينها. ربنا بيبعت إشاراته في كل حاجة: في الناس اللي بتبعد عنك، في المواقف اللي بتكسرك، في الدعوات اللي بتطلع من قلبك في عز الليل.
لحظة الموت مش مجرد خروج روح… دي لحظة انتقال. زي ما الطفل بيخرج من بطن أمه وهو مش عارف إيه اللي بيحصل، وبيعيط ومش فاهم، مع إنه رايح على حضن أمه. الموت شبه كده. إحنا هنخرج من الحياة دي لحاجة إحنا ما نعرفهاش… بس ربنا عارفها، وعارفنا كويس.
هتقابله بقلبك، مش بجسمك. بصدقك، مش بمظهرك.
وهو هيستقبلك بعلمه، مش بألفاظك ولا صلواتك اللي كنت بتقولها وانت سرحان، ولا بصدقتك اللي كنت بتتمنن بيها. هو عارف ليه عملت كده… وعارف إنت كنت بتتمنى تكون أحسن حتى لو مقدرتش.
لحظة رؤية ملك الموت مش لحظة عادية. مفيش فيها وقت تفكر. هي لحظة بتحس فيها بكل حاجة سكت عنها قلبك طول عمرك. بييجي الملك، ومعاه رسائل من عالم تاني… عالم نور أو عالم ظلمة.
لو كنت من اللي حاولوا، من اللي حبوا ربنا بصدق، حتى لو كانوا مقصرين، هتلاقي الوش اللي بيطمنك. هتحس إنك مش خايف، وإنك خلاص ارتحت، وإنك رايح على حتة فيها أمان، مش فيها حساب بس… فيها حضن كبير أوي اسمه “رحمة ربنا”.
أما لو كنت رافض، وعشت طول عمرك بتستهزأ، بتكابر، وبتقول "أنا حر"، فهتشوف الحقيقة… بس متأخر. وهتحس إنك كنت بتجري في طريق غلط وأفلت الباب وراك، واللحظة اللي كنت مستني فيها إجابة، مش هتلاقي غير الصمت.
اللي بيشوفه الإنسان أول مرة عند الموت هو صور مايعرفهاش، بس قلبه بيترجمها. ريحة الجنة أو ريحة النار، سكينة أو صراخ داخلي. مش من بره… من جوه، من روحك اللي كانت بتتجاهل صوتها.
اللي بيحاول يكون طيب، حتى لو الناس شايفاه بسيط أو غبي، ربنا بيشوفه غالي.
واللي عاش في كبر أو ظلم أو قسوة، حتى لو الناس شافته ناجح، ربنا شايفه غريب عن الرحمة.
الموت مش آخر حاجة، دي بداية.
وإنت اللي بتختار، طول حياتك، اللحظة دي هتبقى رجوع لحضن… ولا بداية لسقوط.
فكر، وأنت لوحدك…
لو ملك الموت دخل عليك دلوقتي، هتبتسم؟
ولا هتتمنى دقيقة زيادة؟