recent
أخبار ساخنة

"حين صمتت الأسود" بقلم المستشار أشــــــــــــرف عبدالعال /شيفاتايمز







حين صمتت الأسود

بقلم المستشار أشــــــــــــرف عبدالعال

في عالمٍ مقلوب، صارت الضوضاء عنوانًا للحضور، والصراخ بديلاً عن المنطق، وادّعى الباطل لنفسه مكانة لم تكن له يومًا. هذا العالم لا يرحم الحكماء إذا آثروا الصمت، بل يمنح منابر الجهالة لمن يرفع صوته، لا لمن يرفع فكرته.

حين صمتت الأسود، لم يكن صمتها خنوعًا، ولا جبنًا، بل كان صبر العارف، واتزان الحكيم. الأسود لا تتكلم كلما تكلم غيرها، ولا تدخل صراعًا إلا إذا كان للقيم، لا للعبث. الأسود تدرك أن زئيرها إذا أُطلق، غيّر المعادلات، وقلب الموازين، ولذلك تحتفظ به للحظة الفاصلة.

وفي غياب الزئير، ارتفع نباح الكلاب. ظنّت أن الساحة لها، وأن ارتفاع الصوت يعني امتلاك الحقيقة. نسيت أن الحقيقة لا تحتاج صخبًا، بل تحتاج هدوءًا يُثبتها، وموقفًا يترجمها.

ليست القوة في الرد على كل تافه، ولا في النزول إلى مستوى الصغائر. بل القوة أن تظل كبيرًا، مهما صغُر من حولك. أن تدرك أن الرد أحيانًا هزيمة، والصمت في موضعه انتصار.

ليست كل معركة تستحق أن تخوضها، ولا كل من ناداك يستحق الجواب. فبعض المعارك نزولٌ من القمة، وبعض الردود انتقاص من الهيبة. ومتى ما شارك الأسد الكلب في النباح، تساويا في أعين الغافلين.

الأسود لا تغيب، بل تراقب بصمت، تختار وقتها بدقة، وعندما تُطل، لا يُسأل من قبلها ولا من بعدها.

خليك فاكر دايمًا كده: لا يعلو النباح لأن الأسود صمتت، بل لأن الكلاب لا تفهم لغة الزئير.


google-playkhamsatmostaqltradent