recent
أخبار ساخنة

دلائل عظمة الله في الكون والحياة/شيفاتايمز

دلائل عظمة الله في الكون والحياة

حسين السمنودي 

يتجلى فضل الله وعظمته في كل زاوية من زوايا الكون، فمن رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض وجعل فيها الجبال والبحار، وسخّر الشمس والقمر وفق نظام دقيق، لا بد أن يكون الإله العظيم الذي لا يشبهه شيء. يقول الله تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ" (آل عمران:190)، فمن تأمل في هذه الآية وجد فيها دعوة للتفكر في قدرة الله وعظمة خلقه.

خلق الله الإنسان في أبهى صورة وأودع فيه من الآيات ما يعجز عن إدراكه العقل. قال تعالى: "وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" (الذاريات:21)، فالجسم البشري يعمل وفق نظام مذهل، القلب ينبض بلا توقف، والعقل يفكر ويتأمل، والخلايا تتجدد في تناغم دقيق، ولا شيء في الإنسان إلا وهو شاهد على عظمة الخالق. وقد قال النبي ﷺ: "إن الله خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا" (رواه البخاري ومسلم)، مما يبين تميز الإنسان في خلقه مقارنة بالمخلوقات الأخرى.

تظهر عظمة الله أيضًا في تدبير شؤون الحياة، فهو الذي يرزق الخلق جميعًا، وهو الذي يسير السحاب لينزل المطر، وهو الذي يحيي الأرض بعد موتها. يقول تعالى: "وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (آل عمران:27). وقد جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" (رواه مسلم)، وهذا يوضح أن خزائن الله لا تنفد ورزقه لا ينقطع.

لا يتوقف الإعجاز عند الخلق والتدبير، بل يمتد إلى القضاء والقدر، فكل شيء في الكون يسير وفق مشيئة الله، فلا يحدث أمر إلا بعلمه وحكمته. قال النبي ﷺ: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له" (رواه مسلم)، فكل أمر قدّره الله على العبد هو خير، حتى وإن لم يدرك الإنسان حكمته في الحال.

وقد قال العلماء والحكماء الكثير عن عظمة الله وقدرته، فقال الحسن البصري: "تفكر ساعة في خلق الله خير من قيام ليلة". وقال الإمام الشافعي: "من لم يتفكر في عظمة الله لم يعرفه حق المعرفة". وقال ابن القيم: "من تأمل في حكمة الله في خلقه، وجد أن كل شيء يسير وفق تدبير دقيق لا خلل فيه".

كل ما في الوجود يشهد بعظمة الله، فمن تأمل في الكون من حوله، وفي نفسه، وفي سنن الحياة، أيقن أن الله هو المدبر الحكيم، الذي لا يعجزه شيء، والذي لا يكون في ملكه إلا ما يريد. فالإيمان بعظمة الله وقدرته يزيد الإنسان يقينًا، ويمنحه الطمأنينة والثقة في تدبير الله لكل شؤونه، ويجعله يسير في الحياة بقلب مطمئن، متوكلًا على خالقه، مستعينًا به في كل أمر.
google-playkhamsatmostaqltradent