مصر والصمود أمام مخطط التهجير: الحقيقة التي أكدها ترامب
حسين السمنودي
على مدار 13 شهرًا، ظللنا نحذر من المخطط الحقيقي وراء الحرب على غزة، وهو ليس مجرد مواجهة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، بل محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة، يكون تهجير الفلسطينيين إلى سيناء جزءًا أساسيًا منه. واليوم، تأتي تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتؤكد ما كنا نقوله منذ البداية: الهدف الحقيقي للحرب لم يكن "حماس" أو "الأسرى"، بل كان المخطط الأكبر لتهجير الفلسطينيين وتصفيتهم سياسيًا.
حماس والمخطط الصهيوني: خدمة غير مقصودة أم جزء من اللعبة؟
في السابع من أكتوبر 2023، أطلقت حماس عمليتها المفاجئة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهو الحدث الذي قدم أكبر ذريعة للاحتلال لتنفيذ مخططه طويل الأمد ضد غزة. فمنذ النكبة عام 1948، لم يكن هناك مبرر أقوى لشن حرب بهذا الحجم، أدت إلى تدمير القطاع بالكامل، واستشهاد وإصابة مئات الآلاف من الفلسطينيين، وخلق كارثة إنسانية غير مسبوقة.
هذه الحرب، التي استمرت لشهور، لم تكن تهدف فقط إلى القضاء على حماس، بل إلى فرض واقع جديد على الفلسطينيين والعالم، حيث يصبح قطاع غزة غير صالح للحياة، ويدفع أهله للرحيل القسري، ليجدوا أنفسهم أمام خيار التهجير إلى سيناء، وهو ما كانت مصر واعية به منذ اليوم الأول.
موقف مصر: رفض قاطع رغم الضغوط الدولية
منذ بداية العدوان، كان الموقف المصري واضحًا: لا للتهجير، ولا للمساس بالسيادة المصرية. وعلى الرغم من الضغوط الهائلة، سواء من الولايات المتحدة أو دول أخرى، ظلت مصر صلبة في موقفها، رافضة أن تكون طرفًا في مؤامرة تستهدف الشعب الفلسطيني وأمنها القومي في آنٍ واحد.
لم يكن الموقف المصري مجرد رفض دبلوماسي، بل كان متماسكًا على جميع الأصعدة:
سياسيًا: أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ اليوم الأول، أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء "خط أحمر"، ولن تسمح به مصر تحت أي ظرف.
عسكريًا: عزز الجيش المصري وجوده في سيناء بشكل غير مسبوق، ليس لحماية الاحتلال كما روجت صفحات الإخوان، بل لحماية الأمن القومي المصري والفلسطيني معًا.
إعلاميًا: تصدت مصر لحملات التضليل، التي حاولت تزييف الوعي، عبر صفحات ممولة تابعة للإخوان أو جهات خارجية، مثل "رصد" و"متصدقش" وغيرها، التي لعبت دورًا في تشويه الحقائق لخدمة الأجندة الصهيونية.
لماذا لم ينجح مخطط التهجير؟
بالرغم من كل ما حدث، لم يتمكن الاحتلال من تنفيذ خطته بالكامل. والسبب في ذلك يعود إلى عاملين رئيسيين:
1. صمود الفلسطينيين في غزة: رغم المآسي التي تعرضوا لها، لم يتركوا أرضهم، وأثبتوا أن الاحتلال لا يمكنه تحقيق أهدافه عبر القوة فقط.
2. الموقف المصري الحازم: حيث ظلت مصر العقبة الأكبر أمام تصفية القضية الفلسطينية، ورفضت بشكل قاطع أي محاولات لفرض واقع جديد في المنطقة.
إعادة قراءة استراتيجية مصر العسكرية
ما حدث خلال العام الماضي يثبت صحة الرؤية الاستراتيجية المصرية على مدار السنوات الماضية. فعندما قرر الرئيس السيسي شراء الأسلحة وتنويع مصادر التسليح، رغم الأزمة الاقتصادية، لم يكن ذلك مجرد قرار عابر، بل كان رؤية عميقة للأخطار المستقبلية. واليوم، يتضح أن الجيش المصري كان يجهز نفسه لمواجهة أي سيناريو يهدد الأمن القومي، وهو ما ظهر جليًا في طريقة تعامله مع الحرب الأخيرة.
الإخوان والصهيونية: وجهان لعملة واحدة
لعبت جماعة الإخوان دورًا رئيسيًا في نشر الفوضى المعلوماتية، ومحاولة تشويه الموقف المصري، لتبدو مصر وكأنها تخدم الاحتلال، بينما الحقيقة هي العكس تمامًا. فقد عملت الصفحات التابعة للإخوان، الممولة من جهات مشبوهة، على تزييف الوعي، وإقناع الناس بمعلومات خاطئة، تصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر.
مصر: العائق الأكبر أمام المشاريع الإسرائيلية
اليوم، وبعد أكثر من عام من الحرب، أصبح واضحًا للجميع أن المشكلة الكبرى التي تواجه الاحتلال ليست حماس، بل مصر. فالدولة المصرية، بجيشها القوي وموقفها المستقل، أثبتت أنها الحاجز الحقيقي أمام مشاريع إسرائيل في المنطقة، سواء كان ذلك التهجير أو غيره.
على مدار عقود، حاولت إسرائيل فرض سيطرتها على المنطقة، لكنها لم تستطع كسر الإرادة المصرية، التي ظلت دائمًا مستقلة في قرارها، قادرة على الوقوف في وجه أي مخطط يهدد أمنها القومي. واليوم، تؤكد الأحداث أن مصر ليست مجرد دولة في المعادلة، بل هي الطرف الأهم والأقوى في مواجهة المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.