بقلم /أشـــــــرف عبدالعال
في مجتمعاتنا، يُعد الحياء خلقًا نبيلًا، يعكس حسن التربية ورُقي التعامل. لكنه في بعض الأحيان يُستغل ليصبح سلاحًا يُجبر به الإنسان على تقديم تنازلات لا يرغب بها، سواء في المال أو الجهد أو حتى القرارات المصيرية. كثيرون يجدون أنفسهم في مواقف محرجة لا يستطيعون الرفض فيها، ليس عن اقتناع، وإنما تجنبًا لإحراج الطرف الآخر.
الإسلام كرّم الحياء، لكنه لم يجعله بابًا لاستغلال الناس. الحديث المنسوب إلى النبي ﷺ: "من أخذ بسيف الحياء فالنار أولى به"، رغم عدم ثبوته، إلا أن معناه يتوافق مع مبادئ الإسلام التي تحرّم الظلم بأي صورة، خاصة عندما يتخفى في ثوب الأخلاق. المعنى ذاته تؤكده نصوص صحيحة، مثل حديث "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به"، الذي يحذر من أكل المال الحرام، سواء كان ذلك بالسرقة المباشرة أو بأساليب غير ظاهرة، كاستغلال حياء الآخرين لانتزاع حقوقهم.
في الحياة اليومية، تتعدد صور هذا الاستغلال، فقد يضطر البعض إلى القبول بصفقات غير عادلة أو تقديم خدمات لا يستطيعونها بدافع الإحراج. هناك من يجد نفسه مضطرًا لتحمل مسؤوليات تفوق طاقته لأنه لا يستطيع قول "لا"، وهناك من يخضع لضغوط اجتماعية في الزواج أو العمل، فقط لأنه يخشى نظرة الآخرين.
الفرق بين الحياء والاستغلال يجب أن يكون واضحًا، فالحياء لا يعني الضعف، واللطف لا يعني التنازل عن الحقوق. يجب أن يدرك الجميع أن رفض الاستغلال ليس وقاحة، بل هو تصرف مشروع يضمن العدل والتوازن في العلاقات. من المهم أن يتعلم الإنسان كيف يرفض بأسلوب لبق، وكيف يفصل بين الأخلاق الحقيقية وبين الضغوط التي تُمارس باسمها.
الإحراج لا يبرر أكل حقوق الناس، والاستجابة له لا تعني دائمًا فعل الصواب. الحياء فضيلة، لكنه لا ينبغي أن يكون قيدًا يُكبّل صاحبه ويحرمه من ممارسة حقه الطبيعي في القبول أو الرفض.