recent
أخبار ساخنة

أخلاق الرجال /شيفاتايمز

 






أخلاق الرجال

بقلم غدير سامى 

الشهر الماضي، عاد ابني _يونس_ ذو العشر سنوات من المدرسة، ليخبرني أن أحد زملاؤه قام بضربه، وأنه تقدم بشكوى للأخصائية الاجتماعية وانتهى الأمر ب(الطبطبة) على يونس وأن الولد لن يكرر فعلته مرة أخرى.

ضايقني الأمر بشدة، فنحن تربينا على عدم استعمال اليد في التعامل أبدا.. لم يضربنا أهلنا قط وبالتالي لم استخدم الضرب أبدا مع أولادي، وبشهادة الجميع يتمتع يونس بروح تجعله يجيد التعامل مع الجميع، لذلك لا يصل الأمر بينه وبين أي أحد إلى الضرب.

في الصباح توجهت إلى المدرسة لمقابلة الأخصائية الاجتماعية، وتحدثت معها عن أنها كيف لم تحقق في الأمر لتعاقب من ضرب يونس، لأنها لو أجرت تحقيق بسيط لعلمت من كل مدرسين الفصل وزملاء يونس أنه لا يبدأ أبدا بالاعتداء على أحد وأنه لابد من معاقبة الولد الذي ضربه، لأني أعلم من متابعة جروبات الفصل على برنامج (واتساب)،  أن الفصل مليئ بالمشاغبين الذين تكثر منهم الشكاوى لأنهم كثيرا مايضربون زملاؤهم بدون أسباب.

استدعت الأخصائية يونس، الذي تفاجأ من وجودي لأني لم أخبره بمجيئي، وبالصدفة حضر أحد زملاؤه من الفصل،  وعندما سمع الأولاد حديثي، قال زميل يونس، ( يامس يونس مش بيضرب حد وكلنا بنحبه ولو سألتي أي حد في الفصل هيقولك كدة لأن محدش بيشتكي منه).

فرحت من شهادة الولد، وقلت الأخصائية :"إذا فالولد الآخر من المشاغبين الذين يبالغون في العنف والضرب بدون أسباب ولابد من إبلاغ ولي أمره وعقابه"، ولكن كانت المفاجأة، حين رد يونس بكل حماس : " لأ ياماما، الفصل فعلا فيه مشاغبين كتير كل يوم بيعملوا مشاكل وبيضربوا زمايلهم، بس الولد ده كويس ومش زيهم، ومش متعود أنه يعمل مشاكل"

تبادلنا النظرات أنا والأخصائية ثم بدأ يونس في رواية ماحدث بكل دقة وإنصاف ليحكي ماله وماعليه مما آثار إعجابها، وانتهى الأمر باعتذار الولد ويونس لبعضهما لأن الموقف لم يكن أن يستحق أن يتطور بهذا الشكل.

أما أنا فشعرت بكم من الفخر لم أشعر به من قبل، وأظن أن لو حصل ابني على أعلى الأوسمة لن أشعر بمثل فرحتي بتحليه بهذا الخلق، فلقد فاجأني يونس بأنه كان منصفا مع خصمه.

لطالما دعوت الله أن يعينني على تربيته ليصبح "رجل" ويالها من كلمة قوية وعميقة وتحمل من المعاني والأخلاق مايحتاج لمجلدات، فما أكثر الذكور وماأقل الرجال.

وفي نظري، كانت أول وأهم صفات الرجال هي الصدق، والذي تندرج تحته كل أخلاق النبلاء، فالصادق مخلص ومسئول وشجاع، وأمين، لا يعرف الأنانية، لا يخاف في الحق لومة لائم، منصفا حتى مع أعدائه، يقول الحق ولو على نفسه، وهنا يحق وصفه بكلمة "رجل".

قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( التوبة : 119) ، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وإنَّ الرَّجلَ ليصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللَّهِ صدِّيقًا وإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا" 

وقد عرف بعض العلماء الإيمان بالصدق ، فقال : الإيمان هو أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك وألّا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك ، ليقينك أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك " جفت الأقلام ورفعت الصحف " .

وقال الشاعر :

ودعِ الكذوبُ فلا يكنْ لكَ صاحباً ...

 إِن الكذوبَ لبئسِ خِلاً يُصحبُ.

يحارب الآباء والأمهات في هذه الدنيا من أجل أن يأكل أبناؤهم أفضل الأطعمة ويلبسون أجمل الملابس ويتنزهون بأروع الأماكن ولكنهم يتغاضون عن " الأخلاق" لنعيش نحن في مجتمع مليئ بالمعاناة.

معظم المصريين يفرحون بإنجاب الذكور، والأغلب لا يقوى على تربيتهم على أخلاق الرجال، فتستمر المعاناة.

اجعلوا أخلاق رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ هي المرجع والأساس، ولا تتوقفوا عن الدعاء لله أن يعينكم ويوفقكم في تربيتهم.

google-playkhamsatmostaqltradent