recent
أخبار ساخنة

الحرم الإبراهيمي: تقسيم مقدس في قلب الصراع العربي الإسرائيلي /شيفاتايمز

 



الحرم الإبراهيمي: تقسيم مقدس في قلب الصراع العربي الإسرائيلي


حسين السمنودي 


يعد الحرم الإبراهيمي الشريف، الكائن في قلب مدينة الخليل، شاهدًا على واحدة من أكثر حلقات الصراع العربي الإسرائيلي احتدامًا، حيث يمثل رمزًا دينيًا وتاريخيًا يحمل في طياته صراعًا على الأرض والهوية. هذا المعلم الديني، الذي يُعتقد أنه يضم مقامات الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وزوجاتهم، لم يكن مجرد مكان للعبادة، بل بات محورًا لصراع دموي وسياسي طويل الأمد.


...محاولة السيطرة والتهويد


منذ احتلال إسرائيل لمدينة الخليل في عام 1967، بدأ مشروع تهويد الحرم الإبراهيمي. وتجلّت أولى الخطوات في تقسيمه إلى قسمين بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، حيث قام المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين بقتل 29 مصليًا مسلمًا أثناء تأديتهم صلاة الفجر. كانت المجزرة ذريعة لإسرائيل لفرض السيطرة على الحرم وتقسيمه، ليصبح 60% منه مخصصًا للمصلين اليهود والبقية للمسلمين، تحت ذرائع أمنية وادعاءات دينية.


...معركة الوجود والهوية


التقسيم لم يكن مجرد إجراء أمني، بل خطوة استراتيجية لتعزيز الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية على الخليل. أضحت المنطقة المحيطة بالحرم بؤرة استيطانية خاضعة لسيطرة المستوطنين الذين يتلقون دعمًا عسكريًا وسياسيًا مباشرًا من الحكومة الإسرائيلية. أدى هذا الوضع إلى عزل البلدة القديمة، التي تحيط بالحرم، وتحويلها إلى مدينة أشباح تُخنق يوميًا بالحواجز والإجراءات القمعية.


...الصمت الدولي وشجاعة المقاومة


رغم الإدانات الدولية والتوصيات الصادرة عن اليونسكو التي أكدت أن الحرم الإبراهيمي تراث عالمي فلسطيني، فإن المواقف الدولية غالبًا ما تتسم بالضعف والتجاهل. في المقابل، يواصل الفلسطينيون دفاعهم عن الحرم من خلال الاعتصامات والصلوات الجماعية، مُجسدين شجاعة المقاومة الشعبية رغم محاولات القمع الإسرائيلية.


...رسائل التحدي


تقسيم الحرم الإبراهيمي يسلط الضوء على جوهر الصراع: ليس فقط صراعًا على الأرض، بل أيضًا على الرواية التاريخية والهوية الثقافية والدينية. يطمح الاحتلال الإسرائيلي إلى طمس الهوية الإسلامية للموقع، بينما يصر الفلسطينيون على أن الحرم سيبقى شاهدًا حيًا على جذورهم الراسخة في هذه الأرض.

وختاما لذلك فإن تقسيم الحرم الإبراهيمي ليس مجرد قضية فلسطينية، بل هو جزء من صراع أوسع يمس كل العرب والمسلمين. إنه صراع بين الاحتلال والمقاومة، بين محاولات الطمس والإبقاء على الهوية. وما دام هناك من يدافع عن الحرم الإبراهيمي، فإن الحلم الفلسطيني بالحرية والعدالة سيبقى حيًا، رغم كل محاولات التهويد.


رسالة سياسية: سيظل الحرم الإبراهيمي صوتًا صارخًا في وجه الاحتلال، وأيقونة للصمود الفلسطيني في معركة الحقوق، التي وإن طال أمدها، فإن التاريخ يقف دائمًا في صف أصحاب الأرض.

google-playkhamsatmostaqltradent