recent
أخبار ساخنة

دموع وجراح ودماء الأبرياء في السودان: مأساة شعب تشكو الإعلام العربي والإسلامي والعالمي /شيفاتايمز

 





دموع وجراح ودماء الأبرياء في السودان: مأساة شعب تشكو الإعلام العربي والإسلامي والعالمي 


حسين السمنودي 


في السودان، أرض النيلين، اشتعلت نيران حرب جديدة، تلتهم أرواح الأبرياء، وتغرق البلاد في دوامة من العنف والخراب. ما كان حلمًا بالسلام والاستقرار تحول إلى كابوس تعيشه الأسر السودانية يوميًا، حيث الدمار والدماء أصبحتا المشهد المعتاد. وما يزيد من مرارة المأساة أن هذا النزاع الدامي لم يكن ليصل إلى هذا الحد لولا التدخلات الخارجية الساعية إلى تمزيق الشعب السوداني وإشعال نار الفتنة بين أبنائه.


الحرب المعلنة: جذور المأساة


منذ أبريل 2023، دخل السودان في أتون حرب أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، معارك طاحنة حولت المدن إلى ميادين حرب، ودمرت البنية التحتية، ودفعت الملايين للنزوح. هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة بين قيادات عسكرية، بل امتداد لتاريخ طويل من التدخلات الأجنبية واستغلال القوى الغربية للخلافات الداخلية لتحقيق مصالحها في المنطقة.


التدخلات الغربية: وقود الفتنة


لم تكن الحرب السودانية بعيدة عن أعين القوى الغربية التي لطالما اعتبرت السودان ساحة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. فالسودان، الغني بموارده الطبيعية كالذهب والنفط والمياه، أصبح هدفًا للتنافس الدولي. ولإحكام السيطرة، تغلغلت هذه القوى في الداخل السوداني، مستخدمة أدواتها المتمثلة في دعم طرف على حساب الآخر، وتأجيج النزاعات العرقية والإثنية.


من خلال تزويد الأطراف المتصارعة بالسلاح، والدعم السياسي لبعض الفصائل، لعبت الدول الغربية دورًا محوريًا في إشعال الحرب واستمرارها. كما استغلت الانقسامات الداخلية لإضعاف الدولة السودانية وتحويلها إلى دويلات صغيرة متناحرة.


المأساة الإنسانية: جرح لا يندمل


نتيجة لهذه الحرب، يواجه الشعب السوداني واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم اليوم. الأرقام تكشف عن حجم المأساة:


أكثر من 4 ملايين نازح داخل السودان وخارجه، يعيشون في ظروف قاسية.


انهيار كامل للخدمات الصحية، مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة.


تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والأسواق.


آلاف القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال، يعانون من الفقد والخوف.


وسط كل هذا، تبدو المدن السودانية وكأنها باتت مهجورة، تعيش على وقع القصف المتواصل والاشتباكات الدامية.


دور الإعلام العربي والإسلامي: الصمت المخجل


في ظل هذه الكارثة، كان من المتوقع أن يكون الإعلام العربي والإسلامي صوتًا لنقل معاناة السودانيين، وأن يلعب دورًا فعالًا في الضغط لإنهاء الحرب. إلا أن الواقع كان مخيبًا للآمال. التغطية الإعلامية بدت سطحية ومحدودة، تخلو من التحقيقات المعمقة أو الحشد الإنساني والدبلوماسي لنصرة الشعب السوداني.


الإعلام، الذي كان بإمكانه أن يكون أداة لتوحيد الأمة العربية والإسلامية خلف قضية السودان، تحول إلى مرآة عاكسة للأجندات السياسية الضيقة، تاركًا الشعب السوداني وحيدًا في مواجهة آلة الحرب.


ماذا يمكن أن نفعل؟

إن دورنا كمجتمعات عربية وإسلامية يتطلب تحركًا عاجلًا على كافة المستويات:

1. إعلاميًا: يجب أن يتحول الإعلام إلى منبر يدعو للسلام، ويسلط الضوء على معاناة الشعب السوداني، ويكشف أبعاد التدخلات الخارجية.

2. دبلوماسيًا: يجب على الدول العربية والإسلامية أن تبذل جهودًا حقيقية لإنهاء الصراع، من خلال التوسط بين الأطراف المتناحرة ودفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته.

3. إنسانيًا: لا بد من إطلاق حملات إغاثية عاجلة لدعم النازحين والمحتاجين، وتأمين الغذاء والدواء للسودانيين المتضررين.

4. شعبيًا: تعزيز التضامن مع الشعب السوداني عبر حملات دعم في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوعية المجتمعات بخطورة ما يحدث.


وختاما لذلك فإن السودان يستصرخ ضمير الأمة


إن دموع وجراح ودماء الأبرياء في السودان ليست فقط مأساة وطن، بل وصمة عار على جبين الإنسانية. يجب أن نصحو من غفلتنا، وأن نتحد كأمة لنصرة هذا الشعب الطيب، وننقذ السودان من مصير كارثي. لأن الصمت في مواجهة الظلم هو جريمة، ولأن الإعلام العربي والإسلامي إن لم يكن صوت المظلومين، فما قيمته؟

google-playkhamsatmostaqltradent