"الإنسان خلق للطاعة والعبادة"
بقلم الداعية الإسلامي/الشيخ خالد عبدالله
قال تعالى
إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة
وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته
ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما
وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
صدق الله العظيم
سورة الحديد
قال القرطبى فى تفسيره
أن الدنيا لعب كلعب الصبيان
ولهو كلهو الفتيان
وزينة كزينة النسوان
وتفاخر كتفاخر الأقران
وتكاثر كتكاثر الدهقان
وكل هذا زائل وإلى فناء
الإنسان خلق للطاعة والعبادة
وفى الأثر
يقول الله تعالى
يا عبادى ما خلقتكم
لأستأنس بكم من وحشة
ولا لأستكثر بكم من قلة
ولا لأستعين بكم فى أمر عجزت عنه
ولا لجلب منفعة
ولا لدفع مضرة
وإنما خلقتكم لـتعبدونى طويلا وتذكرونى كثيرا
وتسبحونى بكرة وأصيلا
حق على العباد أن يعبدوا الله تعالى
الواحد الأحد الفرد الصمد المعبود بحق الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ولا يشركوا
به شيئا
قال تعالى
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
صدق الله العظيم
سورة الذاريات
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال
كنت رديف النبى صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لى النبى صلى الله عليه وسلم
يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد
وما حق العباد على الله
قلت الله ورسوله أعلم
قال فإن حق الله على العباد
أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا
وحق العباد على الله
أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا
قلت يا رسول الله
أفلا أُبشر الناس
قال الرسول صلى الله عليه وسلم
لا تبشرهم فيتكلوا
رواه البخارى ومسلم
فى صحيحهما
قال الإمام علي رضي الله عنه لعمار
الدنيا سبعة اشياء
مأكول ومشروب
وملبوس ومشموم
ومنكوح ومسموع ومبصر
أما المأكولات
فأشرفها العسل وهو لعاب حشرة
واطيب المشروبات الماء
ويستوى فى شربه الإنسان والحيوان
وافضل الملبوسات الحرير
وهو نسيج دودة
وأشرف النكاح النساء
وحقيقته أنه مبال فى مبال
واشرف المشمومات المسك
وهو دم غزال
والمسموع والمبصر
مشترك بين ذلك بين بنى الإنسان
وبين البهائم
فليتواضع الإنسان لله عز وجل
ولا تغرنه الحياة الدنيا فهى فانية وزائلة
هذه الحياة لم يختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمل عليها
نزل ملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان معه جبريل عليه السلام
فقال جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم
هذا ملك لم ينزل الأرض منذ خلق
فنزل الملك وقال يا محمد
أرسلنى إليك ربك
أملكا أجعلك أم عبدا رسولا
قال له جبريل
تواضع لربك يا محمد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل عبدا رسولا
رواه مسلم
علم النبى قيمتها الفانية
وزينتها الزائلة
وملكها الذى لا يدوم
فاختار الآخرة على الدنيا
ولم يؤمل فيها
فكان بيته صلى الله عليه وسلم
من طين متقارب الأطراف يعنى ضيق
متقارب السقف
ينام فيه على الحصير حتى أثر فى جنبه
وربط الحجر على بطنه من الجوع
وكان يعرف أصحابه أثر الجوع فى وجهه الشريف
وهو رسول الله وصفوته من خلقه
وما شبع الرسول صلى الله عليه وسلم
ولا آل بيته الطيبين الطاهرين من الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
فى رواية البخارى
ولم تغر الدنيا أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين
جاء عمر بن الخطاب ليزور أبو عبيدة
ولما دخل بيته لم يجد فيه أثاث
ولا فرش ينام عليه
ووجد سيفا معلقا وكيسا به شعير
فقال له عمر
أنا ضيفك فلتكرمنى
فبحث أبو عبيدة فى بيته
فلم يجد إلا كسرة خبز وماء
فسأله عمر أهذا طعامك يا أبا عبيدة
قال نعم
إنما هى أيام ونمضى
فبكى عمر وقال
كلنا غيرتنا الدنيا إلا أنت يا أبا عبيدة
لما حضرت معاذ بن جبل رضي الله عنه الوفاة قال
اللهم إنك تعلم أنى لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجرى الأنهار
ولا لغرس الأشجار
ولكن لظمأ الهواجر
ومكابدة الساعات
ومزاحمة العلماء
نأتى إلى الدنيا ونحن سواسية
طفل الملوك كطفل الحاشية
ونغادر الدنيا ونحن كما ترى
متشابهون على قبور حافية
أعمالنا تعلي وتخفض شأننا
وحسابنا بالحق يوم الغاشية
حور وأنهار قصور عالية
وجهنم تصلى ونار حامية
فاختر لنفسك ما تحب وتبتغى
ما دام يومك والليالى باقية
وغدا مصيرك لا تراجع بعده
إما جنان الخلد وإما الهاوية
ونسأل الله لنا ولكم العافية
وحسن الخاتمة
والشكر موصول
ونسأل الله القبول
خالد عبد الله