اللواء سمير فرج: قائد كتب تاريخاً بمداد من ذهب
حسين السمنودي
اللواء سمير فرج يعد رمزًا بارزًا في تاريخ مصر الحديث، ويُسجل اسمه بحروف من ذهب في صفحات الإنجازات الوطنية. تاريخه مليء بالعطاءات المتنوعة التي تميزت بالعزم، القيادة، والرؤية بعيدة المدى، فقد انتقل من الميادين العسكرية إلى ميادين الثقافة والتنمية، حاملاً معه عقلية وطنية تسعى دائماً نحو التقدم.
بدأ اللواء سمير فرج رحلته العسكرية في فترة حرجة من تاريخ مصر، حيث انضم إلى الجيش المصري وشارك في حرب الاستنزاف التي كانت اختبارًا للقدرة على الصمود أمام تحديات مستمرة. لقد تعلم حينها فنون الحرب وإدارة الأزمات، واستفاد من هذه الفترة في صقل مهاراته القيادية والقتالية. وجاءت حرب أكتوبر المجيدة لتشهد أروع لحظات تاريخه العسكري، حيث قاد كتائب ضمن الجيش المصري التي دحرت قوات الاحتلال في سيناء. كان لأسلوبه القيادي المبني على الدقة والتخطيط المسبق دور كبير في تحقيق الانتصارات على الجبهة، إذ كان يمتلك القدرة على التحليل الاستراتيجي واتخاذ القرارات الحاسمة في أصعب اللحظات، وهو ما جعله أحد القادة البارزين في تلك الفترة.
بعد انتهاء مسيرته العسكرية، لم يتقاعد اللواء سمير فرج كما يفعل البعض، بل انتقل إلى العمل المدني والثقافي بهدف خدمة الوطن من زاوية جديدة. كُلف بمهمة إدارة مكتبة الإسكندرية، تلك المؤسسة العريقة التي كانت تتطلب قيادة ذات رؤية عصرية لتعيد إليها مكانتها الثقافية. وهنا بدأ فصل جديد في مسيرته، حيث نجح في تحويل المكتبة إلى مركز عالمي للثقافة والمعرفة، ليجعل منها رمزًا للتواصل الحضاري. كانت المكتبة تحت قيادته تحتضن المؤتمرات العالمية، وتستضيف كبار المثقفين من شتى أنحاء العالم، مما جعلها منصة للتفاعل الثقافي والحوار بين الشرق والغرب. وأصبحت المكتبة نموذجًا للعصرنة الثقافية بفضل مشاريعه التي جمعت بين الحفاظ على التراث والانفتاح على الأفكار الجديدة.
ومن الجوانب التي تُظهر بصمته المميزة هو دوره في التصدي للتطرف الفكري ونشر التوعية، حيث كان يرى أن مواجهة الأفكار المتطرفة لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تمتد إلى الجانب الفكري والثقافي. ومن هنا، دافع اللواء فرج عن تأسيس مشاريع ثقافية تهدف إلى نشر الثقافة الصحيحة، وإبراز الهوية المصرية والتأكيد على أهميتها في محاربة الإرهاب والتطرف. فقد كان يعتقد أن الثقافة تُشكل سلاحًا قويًا يقف في وجه الأفكار الهدامة ويعزز من قدرة المجتمع على الصمود أمام التحديات الفكرية.
ومن إنجازاته التي برزت خلال مسيرته دوره في تطوير الإعلام المصري ليكون أكثر وعيًا ومسؤولية في تناول القضايا الوطنية، حيث حرص على توظيف الإعلام كوسيلة لتعزيز الوعي المجتمعي. ونجح في تقديم رؤى لتطوير الإعلام الوطني بحيث يصبح مدافعًا عن قضايا الوطن، ويُسهم في خلق جيلٍ واعٍ بمسؤولياته تجاه وطنه. يرى اللواء فرج أن الإعلام يجب أن يكون عاملًا مساعدًا في التنمية الوطنية، وسدًا منيعًا ضد الشائعات التي تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمع.
يتميز اللواء سمير فرج بصفات قيادية أصيلة جعلته محبوبًا بين من عرفوه، فهو رجل مثقف يملك عقلية واعية، ويمتاز بالتواضع والرغبة الحقيقية في خدمة الوطن بعيدًا عن الشهرة والمجد الشخصي. لم يكن يبحث عن الأضواء، وإنما كان يسعى بإخلاص وراء ما يحقق مصلحة مصر، سواء في الجانب العسكري أو المدني. يجسد اللواء فرج القيم الوطنية التي تحتاجها مصر اليوم، فهو دائمًا ملتزم بمبادئه، ويرى أن القوة الحقيقية تكمن في بناء جيلٍ واعٍ ومتعلم يقود المستقبل.
لا يُمكن الحديث عن اللواء سمير فرج دون التطرق إلى إرثه الذي سيظل راسخًا لأجيال قادمة. إنجازاته ليست مجرد نجاحات في مجالات متفرقة، بل هي منظومة متكاملة من الفكر والالتزام والانتماء للوطن، وقد عمل على خلق توازن بين المهام الوطنية والعطاء المجتمعي، ليكون مثالًا حقيقيًا يُحتذى به في التضحية والإخلاص.
ختامًا، تبقى حياة اللواء سمير فرج مثالاً على كيفية الدمج بين القيم العسكرية والحكمة المدنية، مما يثبت أن القائد الناجح هو الذي يُسهم في بناء مجتمعه على جميع الأصعدة. إنّ هذا التاريخ الحافل يستحق أن يُسجل بمداد من ذهب ليظل ذكرى خالدة تضيء درب الأجيال القادمة.