بقلم / أسماء مالك
في خطوة أثارت الجدل والاستغراب بين المجتمع الأسواني، تم إلغاء طوفة المولد النبوي الشريف في أسوان لهذا العام بعد حصولها على موافقة كافة الجهات الأمنية والسيادية. هذا القرار المفاجئ يفتح باب التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء الإلغاء، خاصة وأن الفعالية كانت قد استوفت جميع الشروط التنظيمية والأمنية اللازمة. دعونا نتناول جوانب هذا الموضوع بشكل أعمق، ونحلل التبعات المترتبة عليه.
أولاً: الشيخ محمد عبدالعزيز – قامة دينية ذات احترام كبير
الشيخ محمد عبدالعزيز يُعد من الشخصيات الدينية والاجتماعية البارزة في أسوان، وله مكانة كبيرة بين أبناء الطرق الصوفية والمجتمع المصري بشكل عام، والمجتمع الأسواني بشكل خاص. تنظيم الطوفة كان يأتي تحت قيادته المباشرة بالتعاون مع رؤساء الطرق الصوفية، بعد اجتماعات وموافقة رسمية من الجهات المعنية. إلغاء الفعالية بهذه الطريقة المفاجئة دون إشراك الشخصيات الدينية الهامة قد يُعتبر تقليلاً من دورهم المحوري في المجتمع، وهو ما قد يسبب حالة من الاستياء بين أطياف المجتمع الأسواني، وخاصة أبناء الطرق الصوفية الذين يحترمون ويقدرون هذه القامات.
ثانيًا: الطوفة والموسم السياحي – فرصة ضائعة لإبراز الأمان والاستقرار
أسوان في هذه الفترة تستقبل موسمًا سياحيًا جديدًا، وكان تنظيم طوفة المولد سيساهم في تقديم دعاية مجانية لمصر، يُظهر للعالم أن البلاد تنعم بالأمان والاستقرار. إلغاء الفعالية مع تقديم مبررات غير واضحة، وخاصة إذا تم التلميح إلى أسباب أمنية، يمكن أن يُحدث تأثيرًا سلبيًا على السياحة، حيث سيُفهم وكأن هناك اضطرابات أو مشاكل أمنية، رغم أن مصر بحمد الله تعيش حالة من الأمن بفضل جهودها الكبيرة في الحفاظ على استقرارها. لذلك، من الضروري استبعاد الأسباب الأمنية عند تقديم تفسير لهذا القرار، لأن التأكيد على الأمن في مصر يعزز من صورتها الجاذبة للسياح والمستثمرين.
ثالثًا: حاجة المجتمع للاحتفال – الفعالية فرصة للفرح والتخفيف عن المواطنين
في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المواطنون، تأتي طوفة المولد كفرصة للترفيه والاحتفال. هذه الفعالية لم تكن مقتصرة على الجانب الديني فقط، بل كانت تجمع أفراد المجتمع في أجواء من الفرح والبهجة التي يشارك فيها الجميع، مسلمين وغير مسلمين. إلغاء هذه الفعالية يعني حرمان الشعب من فرصة التنفيس عن أنفسهم وسط الأجواء الاحتفالية التي ينتظرونها سنويًا، وهو ما قد يُحدث حالة من الإحباط لدى الكثيرين.
رابعًا: الاحتفال في العالم الإسلامي – لماذا يُلغى في مصر؟
تحتفل الدول الإسلامية بالمولد النبوي الشريف بفعاليات ومسيرات مليونية، فلماذا تُلغى طوفة المولد في أسوان بعد أن حصلت على كافة الموافقات الرسمية؟ الشعب المصري، وخاصة في أسوان، لديه ارتباط وثيق بهذه الفعالية، وهي تعبير عن ثقافة دينية واجتماعية متجذرة. إلغاء الاحتفال هنا، في حين تستمر مثل هذه الفعاليات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، يُعد قرارًا يصعب فهمه دون تقديم أسباب منطقية ومقنعة.
تقديم الأسباب الحقيقية أو الاعتذار للشعب والمشايخ الصوفية
على الجهات المعنية أن تتحمل مسؤولية قرار إلغاء الطوفة، وتقديم الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع. إذا كان الإلغاء لاعتبارات أخرى غير الأمنية، فمن الضروري توضيحها بشكل شفاف للجمهور، لأن التصريح بأن الأسباب أمنية سيترك أثرًا سلبيًا على السياحة، خاصة وأن مصر بحمد الله في حالة أمنية مستقرة. بدلاً من ذلك، ينبغي الاعتذار للشعب والسادة المشايخ الصوفية عن هذا القرار المفاجئ، وإعادة النظر فيه بشكل عاجل.
إذا لم تكن هناك مبررات مقنعة للإلغاء، فإن إعادة النظر في القرار، وإقرار الموافقة التامة على تنظيم الطوفة في موعدها المحدد، سيكون الحل الأمثل. هذا لا يُظهر فقط احترامًا لإرادة الشعب وثقافته الدينية، ولكنه أيضًا يعزز من صورة مصر كبلد يحترم عاداته وتقاليده، ويعمل على إسعاد مواطنيه.
ضرورة إعادة النظر في قرار
إلغاء طوفة المولد النبوي بعد الموافقة عليها يفرض ضرورة إعادة النظر في هذا القرار والتواصل مع الشعب بشكل شفاف وصريح. إن إلغاء الفعالية دون أسباب واضحة سيترك آثارًا سلبية على المجتمع، وقد يؤثر على السياحة والصورة العامة لمصر. لذا، إما أن تُقدم مبررات حقيقية بعيدة عن الأسباب الأمنية، أو أن يتم الاعتذار للشعب والسادة المشايخ الصوفية، بإعادة إقرار الفعالية بما يضمن تنظيمها في موعدها المحدد.