قصص إسلامية/شيفاتايمز
بقلم/سحــــر عبدالسيد أبوبكر
مدير مكتب دراو
كم من مجهول في الأرض مشهور في السماء
و كم من مشهور في الأرض مجهول في السماء
المعيار التقوى وليس الاقوى..
و قصتنا اليوم ستوضح لنا معنى تلك العبارة
وهي عن الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه:
........................................................
كان جليبيب -رضيَ الله عنه- معدوم الحال، يلبس الملابس الرثّة (القديمة الممزقة)، حافي القدمين، يعاني الجوع، المسجد منزله، والأرض فراشه، يده تحت رأسه هي وسادته، لا جاه له ولا نسب ولا عشيرة، دائم الذكر لربّه، يصلي في الصفّ الأول في المسجد.
وتراه يقف في الصف الأول للجهاد، مرّ ذات يوم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فناداه قائلاً: يا جليبيب ألا تتزوج، فردّ: يا رسول الله ومن يزوجني ولا مال ولا جاه؟، ثمّ مرّ به ثانية وثالثة فقال له مثل الأولى، وفي كلّ مرةٍ يردّ عليه كالمرة الأولى.
وأمره رسول الله أن يتوجّه إلى بيت رجلٍ من شرفاء الأنصار ويُقرأه من رسول الله السّلام، ويخبره أن رسول الله يأمره بأن يزوّجه ابنته، ففعل جليبيب وذهب إلى بيت الرجل، وطرق عليه الباب وأخبره بما جاء به، فقال الرجل: وعلى رسول الله السّلام، وكيف أزوجك ابنتي يا جليبيب ولا جاه لك ولا نسب؟.
وسمعت زوجته بالأمر وتعجّبت ممّا تعجّب منه زوجها، لكنّ الفتاة لما علمت بذلك قالت لأبويها: أترُدّان طلب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-،
لا والذي نفسي بيده، فوافقت على الزواج منه وقامت هذه الأسرة على أساس تقوى الله ورضوانه.
ويوم عُرسهما إذ بمُنادٍ يُنادي للجهاد، فيخرج جُليبيب ويترك عروسه ، وبعد انتهاء المعركة سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم -الصحابة أتفقِدون أحدًا؟
فيُعَدِدوا الصحابة كل من فُقِدَ إلا جُليبيب ، فيقولُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ألا تفقِدونَ حبيبًا؟ قالوا مَن؟ قال أفقِدُ حبيبي جُليّبيب، فاذهبوا تحسسوا من أمرِه، وإذ به مُستَشهدٌ وقد قَتَل سبعةً من الكُفارِ ثُم قُتِل.
فيقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "أنتَ منّي وأنا مِنك، أنتَ منّي وأنا مِنك"،ثم أشاح عنه برأسه -صلى الله عليه وسلم -يميناً وقال:
أتدرون لِمَ أشحت بوجهي يمينا...؟
قالوا: لِمَ يا رسول الله...؟
قال صلى الله عليه وسلم: والله رأيت زوجاته من الحور العين يتسابقن إلى احتضانه، وأعرفه رجلاً غيوراً، فأشحت بوجهي حتى لا يغار...
ثم تربَّع النبي -صلى الله عليه وسلم -جالساً بجانب هذا الجسد، ثم حمله، ووضعه على ساعديه وأمرهم أن يحفروا له قبراً.
فيجعلُ ذِراعيّه -صلى الله عليه وسلم -سريرًا له حتى يُحفرَ قبرُه.
