… كان زمان!! .......... "مهداه الي روح الشاعر الغنائي عبد الفتاح مصطفى "
عماد رشدي سائق تاكسي فنان يعشق الفن الاصيل ولاعجب فقد وهب اجمل اوقات شبابه لمتابعه ومسايره كل تفاصيل الغناء و الموسيقي إبان الزمن الجميل. هذا الشغف للفن لم ينل من دراسته الجامعيه او تفوقه فى المحاسبه إبان شبابه.
قرر عماد ان يشتري سياره فخمه يجوب بها ارجاء المدينه،يتابع سير البشر ويرقب حركه الحياه بعين سائق تاكسي فنان،عاشق للحياه ،محب لدنيا الناس بعدما افقدته إقامته فى الخليج طوال ثلاثين سنه هذه الحركه الدائبه وهذا الايقاع الجميل للحياه الذي لا يستشعره إلا من عاش بعيدا عن مصر واستقر في مجتمع جاف صامت واجواء مغلقه كأجواء الخليج،عاش هناك وتدرج مناصب وظيفيه آخرها رئيس حسابات شركه LG ،ظل هناك وحيدا بعد ان ودع حياه زوجيه عاش فيها قصه حب دافئ، حب لا يعرف الملل لكن اعتراه الغيره والشك والجنون فانفصل عن عأئشه مهدي ، زوجه مثقفه غير انها حاده الطبع ،سليطه متسلطه لا تعرف التنازل ولا الخضوع ،تركها ومعها طفله بنت ثلاث سنوات.
اغلق عماد باب شقته وتسلم المصعد الذي اهداه الي بوابه العماره الكائنه بشارع البحر، مضي عماد مسرعا الي سيارته، استوي علي مقعده وانطلق كالعاده باسم الثغر ،انيق متأنق كربان سفين يشد من حوله انتباه الماره ويجذب انظار المعجبين ، في الطريق اعترضته فتاه هيفاء تتفجر سحرا وانوثه واشارت الي رغبتها للوصول الي حديقه الميرلاند طريق المحله ، توقف عماد وركبت الفتاه واختارت ان تكون بجانبه ، جلست الفتاه بعد ان اعارت السائق نظرات فاحصه طبعت منه صور فوتوغرافيه غايه في الدقه والصرامه . لم يحفل عماد بالراكبه ومضي ينظر يمنه ويسره مداعبا البودكاست podcast الذي امامه لينتقي صوت ثوما وقد اعتاد ان تكون ثوما رفيقته في كل جولاته بشوارع المدينه ، انطلق صوت ام كلثوم :- لسه فاكر قلبي يديلك امان.. ولا فاكر كلمه حتعيد اللي كان.. لسه فاكر كان زمان…
ادرك عماد ان الميرلاند بضعه كيلومترات فاقحم سيارته في سرعه تطايرت معها موسيقي فاضت نغما وسحرا وخيالا ،تبخرت افكار عماد رشدي علي اثير ونغمات الموسيقي وعاد يسترجع مع كلمات الاغنيه كل معاني العتاب ، يسترجع مكابره الحب وهيمنه الغرور وغياب التسامح ..(ياما حليت لك اهات قلبي وهي من قسوتك انت والايام عليا
كنت تسمعها نغم واسمع صداها نار تدوّب حبنا شويه شويه).. استطاعت ثوما ان تستدعي في ذهن عماد كل زكريات الحرمان والهجر وكيف ان هذه المعاني خلفت من وراءها زوجين تعيسين وبينهما ابنه ضائعة تركها ابوها إبان صباها ولم يراها . استطاعت الفتاه الجميله ان تقرأ في عين السائق عماد كل هذه المعاني الاليمه فنهضت تقطع حبل أفكاره:-
" يبدو أنه تستهويك ألحان رياض السنباطي "
"نعم وكلمات عبد الفتاح مصطفي لها عندي معني ومغذي عميق"
"عبد الفتاح مصطفى شاعر المعجزات لم يعاصر تجربتكما غير انه عبر عنها بصدق وامانه"
"واي تجربه تقصدين"
"تجربه زوجتك التي أحببتها وانفصلت عنها بفعل تعنتها"
نظر عماد الي الفتاه في دهشه افقدته الاحساس بدفئ الموسيقي وعزوبه الغناء. افقدته الاحساس بكل ما حوله من أشياء.
"وكيف توصلتي الي كل هذا "
فتحت حنان عماد رشدي حقيبتها الانيقه واخرجت بطاقتها تزينها صورتها الرشيقه وعلي الجانب الاخر من البطاقه كتب (طالبه بكليه الآداب )
سلمت حنان البطاقه لوالدها واردفت قائله:
"تابعت اخبار حضرتك منذ عودتك من الغربه واليوم قررت أن ادعو حضرتك للعشاء معي في حديقه الميرلاند ومتأكده ان حضرتك لن ترفض دعوه ابنتك التي ساقها القدر إليك بعد كل هذه السنوات.
ارتبك عماد وارتعشت يداه من فوق عجله القياده وربت علي يد ابنته وعند مدخل الحديقه أوقف السياره ونزلا الاثنان ،ارتمت بين زراعيه وغابت لحظات بين أحضان ابيها المبلله بالدموع
بقلم / يسري عبد العاطي
