✍️/رحمة أحمد مكتب قنا
الصبر هو حبس الجوارح عن كل محرم.
حكم الصبر
الصبر واجب بالجملة بإجماع الفقهاء، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٤] أما حكمه التفصيلي فيختلف باختلاف نوع المصبور عنه أو المصبور عليه، فلكل نوع حكم يخصه من الأحكام التكليفية الخمسة:[٥]
الصبر الواجب: وهو الصبر على الطاعات، والصبر عن المحرّمات، والصبر على المصائب التي لا صنع للعبد فيها: كالأمراض التي تصيب الإنسان، والفقر، وفقد الولد وغيرها.
الصبر المندوب: هو الصبر على فعل المستحبات، وعن فعل المكروهات، أو عما هو خلاف الأفضل، ومثال ذلك: أن مقابلة السيئة بمثلها جائزة في الإسلام، وأفضل منها العفو والصفح، فلو أن إنساناً أساء إليك فإنه يستحب لك أن تصبر عليه.
الصبر المحرم: كمن يصبر عن الطعام والشراب حتى يموت، أو يمسك عن لحم الخنزير أو عن الميتة في المخمصة والمجاعة حتى الموت، أو يصبر على ما يهلكه من سبع أو حية، أو حريق، وهو يستطيع مدافعة ذلك بالأسباب النافعة.
الصبر المكروه: كمن يصبر عن الطعام والشراب حتى يتضرر بذلك بدنه. الصبر المباح: وهو الصبر عن كل فعلٍ مستوي الطرفين خُيِّر بين فعله وتركه. وبناء على ذلك؛ نستنتج أن الصبر واجب بالجملة، إلا أن حكمه التفصيلي يختلف باختلاف نوع المصبور عنه أو المصبور عليه.
أنواع الصبر قسّم العلماء الصبر إلى ثلاثة أنواع، وفيما يأتي بيان مفصل لكل نوع:[٦] الصبر على الطاعة الصبرعلى أداء العبادات التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده والدوام عليها؛ لأن النفس بطبعها تميل إلى الشهوات، قال الله - سبحانه وتعالى-: (وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى).[٧] فيجب على المسلم أن يعود نفسه على الصبر في ثلاثة مواضع:
الأول: صبر قبل الطاعة بإخلاص النية لله، والتبرؤ من شوائب الرياء.
الثاني: الصبر حال القيام بالطاعة، فيحرص المسلم على أدائها على أكمل وجه مشروع متّبعاً ما بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم-.
الثالث: الصبر بعد أداء الطاعة، فلا ينظر لنفسه بعين العجب، وحب الثناء؛ لئلا يحبط عمله ويبطل أجره.
الصبر عن المعصية الصبر عما نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه من المعاصي والمحرمات، ومجاهدة النفس عن الاقتراب منها، قال الله -تعالى- في بيان عاقبة الصبر عن المعصية: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).[٨]
الصبرعلى المحن والمصائب وهو الصبر على ما يقدره الله -سبحانه وتعالى- على عباده من كوارث مفجعة، ومصائب مؤلمة؛ كفقد عزيز، أو زوال الصحة وغيرها من الابتلاءات، ولقد وصف الله -تعالى- عباده الصابرين بقوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).[٩] ووعد الله -تعالى- عباده الصابرين بالأجر العظيم، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنَّ اللَّهَ قالَ:(إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ -يريد عينيه-، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ).[١٠]
وبناء على ذلك، نستنتج أن العلماء قسموا الصبر إلى ثلاثة أنواع:
الصبر على الطاعة، والصبر على ترك المعصية، والصبر على المحن والمصائب.