recent
أخبار ساخنة

كنوز رمضانيه ...معركة عين جالوت.. نصر رمضاني حطم الأسطورة المغولية

الصفحة الرئيسية

 كنوز رمضانيه ...معركة عين جالوت.. نصر رمضاني حطم الأسطورة المغولية / شيفاتايمز


✍️ منى حسن _ مدير مكتب ادفو




وقعت معركة عين جالوت يوم 25 رمضان سنة 658، الموافق الثالث من سبتمبر 1260 ميلادية، حيث استطاع فيها الجيش المسلم إنهاء الخطر المغولي الذي هدد العالم عشرات السنين. إذ تعرضت دولة الإسلام لأوقات عصيبة في القرن السابع الهجري حين دمرت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان حواضر الإسلام الكبرى في المشرق الإسلامي، وسفكت دماء المسلمين وهدموا المساجد ومزقوا المصاحف وذبحوا الشيوخ وقتلوا الأطفال وعبثوا بالأعراض، حيث سقطت الدولة الخوارزمية بيد التتار ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أياما فاستبيحت المدينة وقتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين وخضعت لهولاكو.


كان السلطان المملوكي سيف الدين قطز (محمود بن ممدود الخوارزمي) قد استلم حكم مصر بعد عدة صراعات دموية بين نهاية الأيوبيين وبداية المماليك، انتهت بانتزاع الحكم من نور الدين وريث السلطان المعز عز الدين أيبك، إذ كان حينها الوريث الجديد لا يزال يلعب مع الصبية في حين كانت الأخطار محيطة بالدولة من كل اتجاه.


وكانت الدولة قد ضاقت بضعفها بعد سلسلة الخيانات والنزاعات 

جمع قطز الأمراء واتفقوا على قتل رسل التتار، فقُبض عليهم، وأمر بقتلهم وتعليقهم على أبواب القاهرة، وأُشيع الخبر بين الناس من أجل رفع روحهم المعنوية، وردّ على هولاكو بخطاب أقوى وأشد بلاغة


 وصل مكتوب هولاكو إلى قطز يهدده ويطلب منه الاستسلام وتسليم مصر، وقال فيه: 

"من ملك الملوك شرقا وغربا القان الأعظم، باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء يعلم الملك المظفر قطز، الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز، وسائر أمراء دولته وأهل مملكته، بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، أنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غضبه. فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرق لمن اشتكى، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا بالطلب، فأي أرض تأويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع… الخ فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاها ولا عزا، ولا كافيا ولا حرزا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفنا إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى"، وختم تهديده بشعر:


ألا قل لمصر ها هولاكو قد أتى.. بحد سيوف تنتضى وبواتر


يصير أعز القوم منا أذلة.. ويلحق أطفالا لهم بالأكابر


جمع قطز الأمراء واتفقوا على قتل رسل التتار، فقُبض عليهم، وأمر بقتلهم وتعليقهم على أبواب القاهرة، وأُشيع الخبر بين الناس من أجل رفع روحهم المعنوية، وردّ على هولاكو بخطاب أقوى وأشد بلاغة يخبره فيه: "إننا لا نستسلم أبدا وسنخوض الحرب معكم، وإن عشنا فسعيدا، وإن متنا فشهيدا، ألا إن حزب الله هم الغالبون".


خرج السلطان المظفر قطز بجيشه يوم 25 رمضان 658هـ (الثالث من سبتمبر1260م)، وبصحبته الملك المنصور ملك حماة، وكان قد أمر الأمير ركن الدين بيبرس أن يقود عساكره ليكونوا في مقدمه الجيش إلى غزة كي يعرف أخبار العدو، بالإضافة لإيهام العدو بالعدد القليل للجيش، ثم حدثت معركة في غزة وتم القضاء على التتار الموجودين بها ولحق به قطز مع القسم الأكبر من الجيش وأخذ بيبرس يناوش ويراوغ قوات التتار ليخفي وجود الجيش الكبير، ثم انضمت قوات الجيش الاستطلاعية إلى القوات الكبيرة في الشام في منطقة عين جالوت، وهي قرية صغيرة تقع بين بيسان ونابلس في فلسطين.


كان كتبغا نويان نائب هولاكو موجودا في الشام، وجمع جيشه ليواجه المسلمين، واستشار صاحب حمص بالدخول أو انتظار الإمداد من هولاكو وجيشه، ولكنه قرر الدخول في الحرب وكان جيش المسلمين قد اكتمل وتجمع عدد كبير من الشام والعراق وباقي الدولة الخوارزمية والترك وغيرهم الذين خرجوا من أجل الجهاد في سبيل الله.


وتم اللقاء على أرض المعركة صباح يوم 26 رمضان 658هـ، امتلأ الوادي بالجنود والناس الذين كانوا قد توافدوا متطوعين من أجل الشهادة من كل بلاد الشام.


ألقي السلطان بخوذته على الأرض تعبيرا عن اشتياقه للشهادة وعدم خوفه من الموت وأطلق صيحته الشهيرة التي تتردد حتى الآن "واإسلاماه واإسلاماه"، والتي قلبت موازين المعركة، حيث ألقى قطز بنفسه وسط الأمواج المتلاطمة من البشر وفوجئ الجنود بوجود السلطان المظفر وسطهم يعاني ما يعانون ويشعر بما يشعرون ويقاتل كما يقاتلون، هنا التهب حماس الجنود وهانت عليهم جيوش التتار وحملوا عليهم وانطلقوا في جسارة نادرة يصدون الهجمة التترية البشعة، واشتعل القتال في سهل عين جالوت وعلت الأصوات بالتكبير، ولجأ المسلمون إلى ربهم في هذا اليوم الذي لن ينسى في تاريخ البشر إلى قيام الساعة.


وكانت هذه المعركة من أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي هي الأولى التي خسر فيها التتار، وبهذه الخسارة الفادحة تم ضم وتوحيد العالم الإسلامي تحت حكم المماليك لأكثر من 270 عاما، فقد كان لمعركة عين جالوت أثر عظيم في تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة الشام، فقد تسببت خسارة التتار في المعركة من تحجيم قوتهم، فلم يستطع القائد التتاري هولاكو الذي كان مستقرا في تبريز من التفكير في إعادة احتلال الشام مرة أخرى، وكان أقصى ما فعله ردا على هزيمة قائده كتبغا هو إرسال حملة انتقامية أغارت على حلب.


وقف زحف التمدد المغولي في غرب العالم سواء في شمال أفريقيا والمغرب أو في أوروبا، وهذا ما أقرته بعض المصادر الغربية


أدت هزيمة المغول في عين جالوت إلى فشل سياسة الصليبيين في الشـرق الأدنى القاضية بالتحالف مع المغول ضد المسلمين، وإلى تعجيل زوال الإمارات الصليبية في بلاد الشام في ما بعد.

google-playkhamsatmostaqltradent