مَنْ أنا؟
قصة قصيرة جمال بربرى
يهوى اللّعب فوق حبال ممزقة، يمشى عليه كلاعب السّيرك يهوى أن يكون معلّقًا بين حياتين، فالسّماء تبدو له كاليابسة، والأرض فضاء لا يطير إليها سوى من يمتلك أكسير الحياة!!
رجل مهزوم من الداخل والخارج، لا يلتصقُ في كلّ شيءٍ!
يخرج على القوالب والقواعد المألوفة، ولي أمره، ولا يفكر في إثم هذه الصّنعة!
رأى صديقه عيناه اللتان تفضحانه دومًا فقال:
-ولمَ تلك الأحجية!
فأنت في النهاية إنسان، ولا فرق بين مَنْ ينام على بلاط في السوق، وبين مَنْ ينام فى سرير الحاكم؛ فالنوم سلطان!
ومضي دون جواب، يطعن به خاصرة الألم! ،ويستر سوءة القلب مِنْ أنْ تنتشر كالنّارِ في الهشيم.
وكل شيء يردُّني لذاتِ السؤال:
"مَنْ أنا؟".
ذاك الذي يحاولُ أن يدسّ جرحه المتقيّح عند ابتسامة أحدهم، هذه المرة:
- قل يا حرف مَنْ أنا ؟
أنا الذي أركض خلف الضّمائر نزقًا، وأحقدُ عليها بما يكفي؛ لأستلّ سكينة من ممحاةٍ؛ لأنحرها، وأمضي دون أن يقفز ضميري، آن الأوان لأسير إلى قدري المرسوم، إلى الهاوية، إلى الشّيء الذي كنتُ؛ ليكون.
مشي في السوق ،توقف عند مطعم للكباب، كم أشتاقُ لوجبة كباب أفترسها لوجدي!!
"عندما تفوز بالجائزة،كُلْ (كبابا)، ودجاجًا مشويًا، وحَمَامًا!!".
هكذا حدَّثْ نفسي.
تحرَّكتْ قدماه ناحية عم"فرج"بائع الصحف:
- ألم ترَ صورتي بعدُ في إحدى الصحف؟".
ضحك العم"فرج"، حتى استلقى على الأرض.
كم مرةٍ حلم بأن يكون غنيًا!! ,غلبه سلطان النوم، نائمُ على بلاط في السوق
كالعادةِ ,حلم، بأنَّه سرق بنكًا؛ فاستيقظ على صوت الشرطي، وقد وقف على جسده النائم،ربما أخبره الرفاق بما قد حدث معه وقت الحلم، هَزَّ جسده النحيل؛ حتَّى تتساقط منه عقاقير الترامادول، ولكنه وجد كتابًا يحملُ صورتِه،الشرطي بغضبٍ:
-أنا أبحثُ عَنْكَ؛ لقد أبلغني بائع الجرائد أنَّكَ سرقتُهُ، أخرجْ مال البائع المسكين.
رد عليه بحزن يقرب من البكاء
-لم أسرق شيئًا ؛فأنا كاتب!.
ذهبوا عند عم"فرج"، وما إن وصلوا، حتى وثب علي مهنئًا:
-"مبروووك ، لقد فزتَ بالجائزة "
مَنْ أنا؟
قصة قصيرة جمال بربرى
