recent
أخبار ساخنة

ويبق الأمل حيا من تحت الركام /شيفاتايمز










 ويبق الأمل حيا من تحت الركام 

حسين السمنودي

لو لم يكن هناك أمل فى الحياة ويقين بالله تعالى لتجردت  الحياة من كل المعني الجميلة.

ولكن مادام عند الإنسان ذلك الأمل فإنه دائما وأبدا يؤمن بأن الذي خلقه ويرعاه يقف بجواره فى كل حركاته وسكناته.

ولذلك يبق الأمل حيا من تحت الركام.

فإذا كان المعذبون من الضعفاء والعبيد الملقون على رمال الجزيرة العربية وفيهم من وضعوا صخرة عظيمة على صدره فى جو حار لايمكن لإنسان أن يقف تحت اشعة الشمس ولو قليلا .كل ذلك حتى يرجعوا عن إيمانهم بالله وبرسوله ولا يفعلوا .

نجد أن مثل تلك النماذج الطيبة المؤمنة تحملت كل الصعاب وضربت مثلا رائعا فى الصمود ضد طغيان الإنسان لأخيه الإنسان.

كانت دعوة النبي الكريم أولا لأهله الأقربين فٱمن معه القليل. وأزدادت بشاعة العداء من الٱخرين.فلما ضاقت عليه مكة أراد أن يوسع دائرة دعوة فى الطائف.وللأسف الشديد لم يجد منهم إلا الغل والحقد والكراهية .فسخروا منه وسلطوا عبيدهم وغلمانهم وسفهائهم فضربوه بالحجارة حتى أدميت قدماه الشريفتين .وصار يشكو حاله لله تعالى.ولكنه لم ييأس أبدا من رحمة الله به.واستراح تحت ظل شجرة والدماء تسيل من قدميه.تألم النبي الكريم كثيرا .وعلم أن الله مطلع على أمره.وهنا رأفة بحاله .نزل جبريل عليه السلام وقال يامحمد مرني أطبق عليهم الأخشبين .والأخشبان هما جبلان عظيمان حول الطائف.ولكن من رحمة النبي بمن حوله حتى الذين يخالفونه فى الدين .قال له لا يا أخي ياجبريل لعل الله يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله.وقد حدث بالفعل .فقد أخرج الله تعالى الأمل الحي من تحت الركام .أخرج من أصلاب الكافرين من ٱمن وحسن إسلامه وإيمانه ونشر دين الله تعالى فى كل ربوع الأرض.حتى فىةالبلاد التى لم يفتحها أهل الإسلام.نشروا الدين بأخلاقهم التى رباهم النبي الكريم عليها .فقد بنى رجالا يعرفون الله حق المعرفة قبل أن  يعلمهم صحيح دينهم.ظهر الأمل من تحت الظلام ومن وسط عتاة الإجرام الكافرين الظالمين ليكونوا نبراسا لنشر دين الله تعالى.

وتلك الٱيام نداولها بين الناس.وما أشبه الليلة بالبارحة .فقد إشتد الظالمين على أهل الإسلام .وزادت قسوتهم وجبروتهم وتدميرهم لكل شئ.حتى الأجنة فى بطون الأمهات لم تسلم من ٱذاهم وظلمهم .كل ليلة وضحاها نستيقظ على أفاعيلهم التى تقشعر منها الأبدان .يتحدون بأعمالهم القذرة كل أخلاقيات  الأديان الصحيحة .وكل المواثيق والعهود الدولية التى تمنع مثل تلك الأفاعيل الشيطانية التى تظهر منهم كل يوم وليلة .

ما أشبه الليلة بالبارحة عندما نتذكر سقوط الأندلس سنة ١٤٩٢ ميلادية .عندما كانت حاضرة الإسلام فى داخل أوروبا .وشعاعا يضئ أركان الظلام  .عندما ولد الأمل حيا من تحت ركام الجهل والظلم والفساد والتخلف.جاء الإسلام للأندلس ليبني بشرا يتحلون بالأخلاق وسط ركام الحياة المادية الفاسدة .وعندما كان أهل الإسلام يتعاملون بالأخلاق والدين الصحيح  كانت حياتهم مليئة بالروحانيات بعيدا عن الماديات الفانية وحب الدنيا سادوا الجميع .وعندما نظروا للحياة المادية ودبت بينهم الخلافات على مزاعم وهمية دانت لأعداء الله الفرصة وأنهوا  وجود الدولة الإسلامية ومن لم يقتل من المسلمين فى الأندلس هرب إلى المغرب او أجبر على ترك دينه.ولم تعد الأندلس للمسلمين حتى اليوم.

ثم نتذكر المٱسي التي لا تعد ولا تحصى فى تاريخ المسلمين .ونتذكر سقوط بغداد على يد المغول سنة ٦٥٦ هجرية و١٢٥٨ ميلادية وانتهت الخلافة العباسية التى حكمت العالم الإسلامي لمدة   ٥ قرون متواصلة .هؤلاء المغول والتتار عندما دخلوا العراق حرقوا كل شئ وأبادوا سكان بغداد عن بكرة أبيهم حتى صارت الدماء تجري فى شوارعها  كما الأنهار .ورسمت صورة مأساوية للمسلمين وما جرى لهم.

سيطر الرعب والخوف على الجميع .حتى ذكرت كتب التاريخ ان الخوف الرهيب الذي عاشه المسلمين فى العراق من قسوتهم وبشاعتهم ودمويتهم كان الجندي المغولي يقابل المسلم فى الطريق وليس معه السيف فيقول للمسلم ضع رأسك على تلك الصخرة ولا تتحرك .ويفعل المسلم ذلك فيأت إليه المغولي فيقطع رأسه..أمور عظيمة ومذابح كثيرة فعلها المغول عندما إجتاحوا بلاد المسلمين .

ونتذكر كيف سقطت القدس على يد الصليبيين عام ١٠٩٩ بعد حصار لم يستغرق وقتا طويلا تبعه مجازر للأبرياء من أهل المدينة من العرب المسلمين والنصارى حتى وصلت الدماء إلى صدور الخيول .وزاد جبروتهم فجعلوا المسجد الأقصي إسطبلا لخيولهم والمساجد خمارات لهم .وما أشبه الليلة بالبارحة .وتلك الٱيام نداولها بين الناس .ففى العصر الحديث سقطت سيناء على يد الصهاينة المجرمين فى ٥ يونيه سنة ١٩٦٧ ميلادية .سقطت كاملة فى يد قطعان المحتلين ومعها أجزاء من الأراض العربية .فى ستة ٱيام دانت لهم سيناء فأبادوا كل شئ حي الإنسان والنبات والحيوان .واستعبدوا من بقى من أهل سيناء واسترهبوهم .واستولوا

على خيراتها .وأقاموا المذابح ضد أبناء الشعب المصري من الجيش ولم يرحموا كبيرا أو صغيرا .ولكن يبق الأمل حيا من تحت الركام .وعادت الأمور إلى طبيعتها بعد ٦سنوات من الجهد والعرق والعمل المخلص لله.وعادت سيناء إلى حضن مصر الأم بعد حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان سنة ١٩٧٣ ميلادية .ولكن لم تمر تلك الحرب على الصهاينة فى العالم أجمع مرور الكرام.بل تجمع خبراء العسكرية الدولية من الصهاينة فى بلاد الغرب وأمريكا ليدرسوا سبب الهزيمة العسكرية لهم فى أكتوبر ٧٣ وكيفية ذلك .فهم يتعجبون بأن الجندي المصري إستطاع فعل ذلك وهو نفس الجندي الذي إنتصروا عليه فى حرب النكسة ١٩٦٧ ميلادية .

وبعد دراسات وبحوث واستنتاجات تخلصوا إلى أن السبب هو الجندي المصري نفسه.وأخذوا نموذج من هؤلاء الجنود الذين ذاع صيته أثناء الحرب وهو المقاتل البطل محمد عبد العاطي صائد الدبابات الذي إستطاع بمفرده أن يدمر أكثر من ٢٥   دبابة ومجنزرة وحاملة أفراد ويجعلها تتفحم أمام أعين الصهاينة ولم يقدروا عليه .واستخلصوا سبب الإنتصار المصري عليهم .القوة الجسمانية السليمة والصحيحة .القوة الإيمانية الإبداعية .

الإنتماء لله وللأرض وللعائلة .

حب الوطن والتضحية من أجله بكل شئ.

العلم الذي كان يشكل النسبة العالية بين الجنود .

وهنا إستقروا على كيفية محاربة العرب عامة ومصر خاصة من دون أن يطلقوا طلقة واحدة.

وهنا تكمن الخطورة والمكائد والدسائس والحروب التى يشعلونها هنا وهناك.

فمحاربتهم لنا من دون أن يطلقوا علينا طلقة واحدة ٱتت أكلها وظهرت   نتائجها فى كل مجال.أولا نحن البلد التى تعمل بالزراعة من ٱلاف السنين .بعد معاهدة كامب ديفيد أرسلوا إلينا خبراء الزراعة الذين علموا مصر كيفية الزراعة .علموهم زراعة الفراولة والكنتالوب وغير ذلك من الزراعات البعيدة كل البعد عن زراعات المصريين والعرب .وامتنع الفلاحين عن زراعة الأرز والذرة والمحاصيل الحبوبية مما جعلهم ينظرون للمال السريع.ثم جعل ذلك عائقا عند الحكومات المتتالية لتسد الفجوة التى تناقصت من القمح والشعير وغيرها لتستوردهما من الخارج وأصبحت مصر حبيسة هؤلاء الغرب يفعلون بها مايريدون ويملون شروطهم عليها.ثم نفاجئ بأن المستشفيات بدأت تمتلئ بالأطفال الصغار أصحاب الأمراض الجديدة التى لم نسمع أو نعاني منها من قبل .وازدحمت تلك المستشفيات بحالات السرطان والفشل الكلوي وفقر الدم وأمراض الكبد وأمراض السكر والضغط اللا متناهية  ولم تعد المستشفيات تستوعب الٱلاف من المرضي .كل ذلك كان نتاجا للفاكهة والخضار اللذان تمت زراعتهما بمبيدات اصابت الجميع بلا إستثناء.وبدأ المواطنين يجدون أنواعا من فاكهة الصيف فى الشتاء وفاكهة الشتاء فى الصيف.وانقلب حال الدنيا كلها .وبدات الحرب الصهيونية على مصر من دون أن يطلقوا علينا طلقة واحدة .ثم بدا الصهاينة يقلبون أهل مصر بعضهم على بعض .ويشعلون الفتن والفوضى بين أهلها ويستعملون بعد الخونة من شباب مصر يغدقون عليهم بالأموال ليفعلوا لهم مايشاؤون .والأخطر من ذلك أنهم ارادوا تدمير التعليم بإنشاء المدارس والجامعات الأجنبية ووضعوا شيئا خطيرا فى تعليم هؤلاء الشباب أن ولائهم ليس لمصر بل للبلد التى تعلموا فى جامعاتهم وهنا تكمن مصيبة أكبر.والمصيبة الأكبر بعد حرب أكتوبر ٧٣ انهم حصروا الدول التي ساعدت ووقفت مع مصر تساندها ضد الصهاينة لتنتقم منها .ونتسائل .أين العراق وجيشه؟ لقد تم تدميره وهاهو الٱن فى حروب داخلية وشتات. وأين سوريا ؟ كذلك تم تدميرها عن بكرة أبيها.وأين اليمن؟ مليشيات تسيطر على الوضع هناك.و أين لبنان  ؟ لم يعد لها إقتصاد.وأين ليبيا ؟ وأين السودان ؟ وأين وأين إلى مالا نهاية .

هكذا فعلوا كل شئ قبيح للدول والشعوب العربية .

ويبق الأمل حيا من تحت الركام ليعيد اركان الأمة الإسلامية والعربية إلى ماكانت عليه لتكون خير أمة اخرجت للناس









ويبق الأمل حيا من تحت الركام 

حسين السمنودي

google-playkhamsatmostaqltradent