غزة لا تزال تنبض بالحياة بالالواح الشمسية/ شيفاتايمز
✍️ منى حسن _ مدير مكتب ادفو
في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي صاحبها انقطاع للكهرباء، و بين الخيام المتراصة في رفح جنوب القطاع، المكتظّة بالنازحين، تنتشر ألواح الطاقة الشمسية فوق الخيام وفي الطرقات وعلى أسطح المنازل، بلونها الدّاكن، ويتجمّع حولها الكثير من الراغبين في شحن هواتفهم أو أجهزة الراديو وأدوات الإنارة. باتت الألواح الشمسية المصدر الرئيسي للنازحين والأهالي للحصول على الضوء وشحن الهواتف وما تبقى من أدوات كهربائية.
وفي عمق المدينة المتاخمة للحدود مع مصر، تضاعَف طلب سكان المدينة على الطاقة البديلة بشكل لافت عقب اندلاع الحرب.
حيث تُمثّل الألواح الشمسية شعاع أمل ورمزا للحياة بالنسبة إلى سكان غزة، الذين يعانون أزمة كهرباء خانقة منذ 4 أشهر، بعد أن حظرت إسرائيل توصيل الطاقة إلى القطاع.
وتُعدّ منطقة مواصي رفح، إحدى أكبر مناطق النزوح في قطاع غزة، حيث يعيش ما يقرب من مليون نازح فلسطيني في ظروف صعبة للغاية؛ وفق تقديرات السلطات المحلية والأمم المتحدة.
بعد وصولها من مخيم جباليا شمال القطاع إلى رفح، قرّرت عائلة طارق مسعود، المكوّنة من 9 أفراد، شراء 4 ألوح شمسية وأدوات طاقة مكمّلة، بعد أن وجدت نفسها مضطرةً للعيش في خيمة.
لم تكُن هذه المرّة الأولى التي تضطرّ فيها عائلة مسعود للنزوح عن منزلها، فمع كلّ صراعٍ جديدٍ في قطاع غزة، تُجبر العائلة على مغادرة منزلها بحثا عن الأمان، لكن في هذه الحرب لا وجود لأي مكان آمن، وفق ما يقول مسعود وآخرون.
يقول مسعود، 33 عاما،: "بعد موجة النزوح، قرّرنا عدم الاستسلام للظلام، فقمنا بشراء 4 ألواح شمسية بمبلغ 4 آلاف دولار، ونصبها فوق خيمتنا. لقد أضاءت هذه الألواح حياتنا في هذه الظروف العصيبة، وجعلتنا نشعر بالأمل من جديد".
ويُضيف الشاب الفلسطيني أنه بفضل ما توفّره ألواح الطاقة من كهرباء، عاد لممارسة عمله في تجهيز ألواح الخشب وبيعها للزبائن، في ظل الطلب الشديد؛ سواء للتدفئة أو لنصب مزيدٍ من الخيام لإيواء الأسر النازحة.
قبل الحرب كان سكان غزة لا يتلقون سوى 6 ساعات من الكهرباء يوميا، بينما تُغطى باقي ساعات اليوم عبر مولدات كهربائية تعمل بالوقود بأسعار مرتفعة.
إبراهيم الزيني، من سكان رفح، يشحن بدوره الأجهزة الكهربائية الضرورية، معتمدا على ألواح الطاقة التي اشتراها قبل الحرب ونصبها فوق منزله المكوّن من 3 طوابق.
يقول الزيني، بينما كان يحضّر محوّلا كهربائيا ليتولّى جيرانه شحن هواتفهم: "قبل الحرب، اشتريت 8 ألواح و4 بطاريات سعة 800 أمبير، وبفضلها لا أعاني من أزمة الكهرباء".
ودفع محمد الشندغلي، وهو نازح من شمال قطاع غزة إلى رفح، 3 آلاف شيكل (800 دولار) لشراء لوح شمسي واحد وأدوات طاقة مكمّلة لإضاءة خيمته وخيام عائلات أشقائه وأقربائه وشحن أجهزتهم.
يقول الشندغلي، 28 عاما ...."، إن الحياة دون إنارة مستحيلة داخل خيمة صغيرة مكدسة بالكبار والصغار، إذ إن الأجواء تكون موحشة خلال الليل رغم كثافة الناس.
بفضل هذا اللوح الوحيد يتمكّن محمد يوميا من شحن 20 هاتفا خلويا من أجل التواصل مع ما تبقّى من عائلته في شمال القطاع، لافتا إلى أن الاتصال الواحد في بعض الأحيان يحتاج إلى ساعة من المحاولات الفاشلة لإجرائه في ظل انهيار شبكة الاتصالات.
ويُشير إلى أن إحدى زوجات أشقائه وضعت مولودها قبل أيام وتعيش في الخيمة، والكهرباء التي توفّرها الطاقة الشمسية تعينها على مواجهة أجواء البرد القارس الآن.
بالنسبة إلى الفلسطيني فايز أبو شدق، من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، فإنّ الطاقة البديلة التي يمتلكها أصبحت مصدر رزق أساسيا للعائلة، لكنّها لا توفّر إضاءة في محنة النزوح خلال ساعات الليل الطويلة والباردة.
بصوت حانق على ظروف حياته في ظل الحرب، يقول أبو شدق: "اشتريت لوحا شمسيا، ولم أتمكّن من الحصول على أدوات الطاقة المكمّلة بسبب سعرها المرتفع، وبالتالي الكهرباء تتوفر خلال النهار فقط، إلى حين مغيب الشمس".
لكن رغم ذلك، فإن الرجل الذي وصل مع عائلته إلى رفح قبل 3 أشهر تقريبا، يقول إنه: "في فترة حلول الشمس أقوم بشحن الهواتف الخاصة بي وعائلتي، ثم لمن يرغب من المواطنين مقابل شيكل واحد للجوال، و5 للبطارية، وهكذا أستطيع توفير بعض المال لتوفير القليل من متطلّبات أطفالي وسط محنة النزوح".