recent
أخبار ساخنة

( احمد ابن ابريس) بقلم دكتورة رشا ضاهر شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
الصفحة الرئيسية

 











( احمد ابن ابريس) بقلم دكتورة  رشـــــــا ضــــاهـــــــر



ارتمي بجسده على مقعده الوثير في غرفة مكتبه القي برأسه للخلف وضع راحتي يده على مسند المقعد وتنهد تنهيدة اهتزت لها جدران الغرفة ثم اعتدل في جلسته وأمسك بقلمه الذهبي الذي اهدته له سيدة القصر ( مروة الحسيني ) ثم بدأ يكتب رواية جديدة من رواياته العبقرية التي فازت جميعها في مسابقات دولية كأفضل كاتب عربي .... 

إهداء إلي أمي العزيزة (الست راضية )

أمي لم تكن سيئة بل كانت أفضل أم على الإطلاق كمن منح الله لها سلم للصعود للنجاة من البؤس والفقر والعبور للجانب الأفضل الأفضل على الإطلاق  من الحياة  منح السلم لها لمدة ثوان معدودة وعليها أن تختار فاختارت أبناءها ... حتي وإن هُدم الكون بأسره فوق رأسها. في ظل مجتمع يرفض أبناء الفقر لابد أن نُختم بماركات سيارتنا العالمية ولابد أن نختم ملابسنا بشعارات زائفة من شانيل وكريستيان ديور كي يضرب لنا المجتمع بأسره تعظيم سلام 


مقدمة

سلام عليكِ أينما كنتِ عزيزتي الغالية سيدة القصر سيدتي 


في حي الزمالك (١٩٧٥ )بنايات يقطنها سفراء ووزراء كما يقولون (كِريمة المجتمع) كان يخدم كحارس عقار ( ابريس الأسواني ) سموه أهله بهذا الاسم لٍاعتزازهم بالفراعنة  ..أكثر من نصف عمره قضاه ببلدته أسوان ثم أنتقل للعمل في القاهرة مع زوجته وأولاده الثلاتة (لابيس وكليوباترا ) وبعد مشادات مع زوجته وصياح ليلاً نهاراً (ابني سميه إسم عادي عشان يعرف ياكل عيش وميبقاش تريقة البلد ..اهي البنات هانجوزهم ويتستروا وخلاص إنما ده اللي هايتبهدل ف المصالح الحكومية ويبقي ملطشة وهزار الناس وبعدين هما الفراعنة عملوا لنا ايه سابوا لي كليوباترا ولابيس اللي مش لاقيين نأكلهم  قال لابيس قال لبسك عفريت يا بعيد .... 

وكعادة الرجال في تجنب المشاكل الزوجية استجاب لرغبتها وسُمي المولود (أحمد)

كان سكان العقار ينادونه بالأسواني إلا ساكن واحد كان يمتاز بخفة دمه ويلقبه بإبليس ولم يغضب منه يوماً ابريس  بل كان يرد باستحياء ضاحكاً الله يسامحك يا سيادة السفير  فقد كان سفير سابق لمصر بإحدى الدول الاوروبية عطوف جداً وراقي في تعاملاته اهداه سرير جديد لغرفته ومبلغ شهري يعينه علي الحياة... 

كان الشيء المريب في هذا الشارع ذاك القصر الشاهق بأسواره السوداء المهيبة وحديقته التي تملأها الكلاب الضخمة المخيفة وزرع مُهمل .. تسكن القصر سيدة تخطت الثلاثين من عمرها وحيدة .. وكانت الشائعات تحوم حول وجود أرواح غريية تسكنه فايسمعون أصوات موسيقي صاخبة أحيانا برغم من عدم دخول أي شخص أو بوادر إحتفالات   ..وكلب اُسود عملاق يخاف المارة من المرور أمامه أو حتى المرور أمام القصر خوفاً من الأرواح الشريرة ... 


بلغ أحمد الخامسة من عمره ..كانت بشرته سمراء ولديه غمازتان تجعل كل السكان يحملونه ويقبلونه من شدة وسامته ولون عينيه العسليتين وضحكته التي ثؤثر القلوب ... 


كانت سيدة القصر تزيح الستار عن نافذتها المحاطة بأسوار حديدية دون أن يراها أحد .تشاهده وهو يلعب أمام العمارة  لعبة (السبع طوبات)مع أبناء حراس العقارات المجاورة ..كان يثني قدمه اليمني ويقذف الطوبة بقدمه اليسري وعيناه على السيدة التي تراقبه خلف الستار الحريري....


سبعة أعوام مرت ما بين مراقبتها وشغفها بهذا الطفل وبين حيرة الولد وألف سؤال يجول بخاطره عن سيدة القصر والقصر نفسه 

ولكن تبدل حاله لم يعد يعشق اللعب ولا المزاح مع أصدقائه اعياه التنمر ولقب (ابن البواب ) وسط ابناء الطبقة الراقية بعضهم ربما راقي بتعليمه أو ثروته ولكن ليس راقي بأخلاقه  ... كان يجلس وقتاً طويلاً ناظراً للقصر وأشجاره وأبوابه الفولاذية يحوم حوله حتي ذلك يوم  أخذ يتسلق سوره الحديدي الأسود الشاهق ورأته هي فهرولت لباب القصر وفتحت له بكل عطف قائلة( لو رنيت الجرس ده كنت هافتحلك بدال الشقاوة دي ) فسقط الولد من فوق السور مذعوراً وأخد يصرخ ( الجنية يا ٱبا الجنية يا ٱبا)فهرولت اليه ضاحكة (أنا يا حبيبي مش جنية انا بني ٱدم عادي يا ولد متسمعش الكلام الفارغ ده متخافش تعالَ)فذهب اليها وقدماه تقدم خطوة وتؤخر خطوة وعيناه مليئتان بالدموع) حتي وصل اليها فاحتضنته. شعر وكأنها أمه ونظر اليها قائلا بنبرات متقطعة من شدة البكاء(يعني انتِ مش عفريت زي ما أبويا وأمي بيقولوا) ضحكت ووضعت كفها على خده الأيمن (لا يا حبيبي مش عفريت تعالَ وانا افرجك على القصر كله واخليك تتأكد) نفضت عن يديه الصغيرة وملابسه  التراب أخذته من يديه الصغيرتين وصعدت به سلالم القصر العريقة وهو ينظر في ذهول هامساً ( يا باااااي والناس اللي عايشة هنا بتعمل ايه بالوسع ده كله) وتجولت به في أركان القصر وطرقاته وكانت تنظر لعينيه المذهولتين من جمال القصر وفخامته حتي توقف أمام إحدى اللوحات التي كانت تحتل جداراً كاملاً وأفلت يده  من يدها .وأخذ ينظر بعينين حزينتين وانهمرت دموعه كاللؤلؤ كانت لوحة توماس بنيمين (لوحة الأيتام) طفل جالس علي الارض وعلي قدميه يضع أخيه رأسه بعيون حزينة وأمامهم صحن صغير به طعام بالكاد يكفي  ... لمعت عيناها قائلة (ٱنت عبقري يا ولد مش هاتبقى شخص عادي ) ثم أجلسته فوق مقعد في إحدى الغرف المجاورة للحائط وقالت له هامسة ( اشرح لي اللوحة دي شوفت فيها ايه) فرد بدون تردد (شوفت ضيقة حال ابويا بس حمدت ربنا انه موجود واني أنا واخواتي بنضحك مش زعلانين زيهم ) فردت(وعرفت منين إن باباهم مش موجود ) فرد( عشان طبق الأكل فاضي ابويا لو مش معاه حق الأكل  بيخلينا ناكل منابه ويطلع يقعد ع الدكة بره يشرب سجاير) فابتسمت واحتضنته وقالت له تحب تعيش هنا يا أحمد معايا فرد ( ماسيبش ابويا يخدم وحده أنا بساعده ف كنس السلم والعمارة وباروح اشتري طلبات للسكان معاه .... فابتسمت ابتسامة صحبتها تنهيدة ثم أمسكت يده وقالت له (يالا اروحك عشان اهلك ميقلقوش عليك) وبعد أن غادر ..ارتمت على سريرها وهي تنظر للسقف العالي والحلي وأثاث غرفتها وحجرة تغيير ملابسها (الدريسنج روم), المليئة بماركات عالمية سواء من الملابس أو الأحذية أو فساتين السهرة التي بدت فيها كأميرات الأساطير.... تنهدت  قائلة بصوت خافت( دنيا ظالمة )


مروة الحسيني تنتمي لسلالة البشوات ..والدها كان يمتلك أكبر شركات المقاولات في مصر . وقع في غرام زوجته الإنجليزية ولم ينجبا سوى مروة ولم يتزوج بعدها ..تفرغ لعمله ولٱبنته التي درست في أرقى المدارس واكملت دراستها في أعرق الجامعات بلندن  وكانت تهوى الأدب الٕانجليزي .... ولديها حاسة عالية تجاه أي موهبة تجيد الكتابة .. كانت تمتلك جسداً ممشوقاً وعينين واسعتين زرقاوتين ..وشعراً ذهبياً كانت ترث ملامح أمها ولم ترث من أبيها سوا ابتسامته الجذابة .. وبعض من حركاته .. كنظرته في ذهول حتي وإن لم يكن يتملكه ذهول حقيقي ولكن من باب المشاركة والشعور بالٱخرين  حينما يخبره أحد بمرضه أو حدث جلل في حياته  ..وكذلك ورثت عن أبيها حبه للموسيقي الشرقية القديمة .. وحضور عروض البالية ... لم تمر بتجارب حب سوي تجربة مع نجل سفير مصر في انجلترا اثناء فترة دراستها وتزوجا لمدة عامين ولم يثمر زواجهما عن أبناء وكان زوجها عاشق للخمر بشكل مرضي ولم تحتمل ذلك فطلبت الطلاق وتطلقا بعد عامين من الزواج ....بالرغم من تربيتها المنفتحة فكرياً إلا أن والدها كان ملتزماً بالعادات والتقاليد بشكل كبير كمنع دخول الخمور القصر وعدم السهر ليلاً ... وكانت مروة بطبيعتها لا تعشق السهر ولا تطيق رائحة الخمور  ولا أي شيء يستعبد الإنسان مهما كانت متعته ...

انتظروني والجزء الثاني قريبا....... 


















( احمد ابن ابريس) بقلم دكتورة  رشـــــــا ضــــاهـــــــر










google-playkhamsatmostaqltradent