recent
أخبار ساخنة

هذه ليلتي بقلم رشــــاضـاهر / شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS






































































✍🏻 دكتورة رشــــاضـاهر






 









منزل صغير لا يتخطي المائة متر  بابه الخشبي متهالك  يستند علي  ترباس حديدي لولاه لانفتح بفعل أضعف تيارات الهواء وفي المواجهة صالون للضيوف متواضع وغرفتين نوم أحدهما علي يمين  باب الدخول والٱخري شمال الصالون   في مواجهتها حمام صغير بالكاد يتسع لشخص واحد ... دقات ساعة الحائط الخشبية تشير إلي الثالثة فجراً ... صوت إمراة تصرخ (إلحقني يا واد يا أحمد أنا بولد نادي علي جارتنا) طفل صغير لا يتخطي عامه التاسع يرتدي بيجامه كستور تتسع عليه قليلا حتي تصلح لارتدائها ف الأعوام المقبلة  ..يعدو الطفل بقدميه الصغيرتين حافيا نحو باب الشقة يشب بقدميه لفتح الترباس الخشبي محاولات عدة حتي نجح في اسقاطه  من مكانه .. يعدو مسرعا ف الطرقه لا يستطيع دق جرس باب الشقة المقابلة نظرا لقصر قامته فيقوم بطرق الباب بيديه الصغيرتين وركله بقدمه حتي تفتح الجارة ( خير يا واد يا احمد) فيرد لاهثا ( أمي بتولد وأبويا لسه مجاش ) تضع الجارة شالا علي كتفيها وتأخد مسرعه مفتاح شقتها وتغلق الباب وراءها تنزل درجات السلم مسرعة وتطرق باب جارتها الممرضة بإحدي عيادات النساء والتوليد  وتخبرها فيصعدا سويا لتقول الممرضة ( سخني مايه بسرعة يا أم مريم سهام خلاص بتولد بسرعة الوليه هاتروح مننا)  وبعد ساعة تقريبا من كل الاجراءات ينطلق صراخ الرضيعة  مع زغاريد الفرحة التي كانت أم مريم ماهرة فيها فكانوا يستدعونها ف أفراح الجيران والأقارب لتقوم بتلك المهمة .. وتحتضنها أمها والعرق يفيض من كل ذرة في جسدها النحيل (غلبتيني يا بنت عبد العليم لحد ماجيتي ومتجيش غير وش الفجر دي كانت ليله سودا فيضحك الجميع ) تنظر سهام لجارتها بنظرة حائرة  (هاسميها ليلي ) فترد جارتها الممرضة مش تستني ابوها نشوف هايقول ايه ؟  فتتنهد سهام تنهيدة بائسة (ابوها تلاقيه سكران دلوقتي ف اي داهية تلاقيه ناسي اصلا ان مراته علي وش ولادة)
 


بعد ساعة تقريبا ف الخامسة فجرا  يعود الزوج عبد العليم منصور او عبد العليم كوباية كما كانوا يطلقون عليه ف شارعهم ... يرتدي قميص ابيض عفا عليه الزمن ياقته نحلت من كثرة عدد مرات ارتدائة متسخ نظرا لأنه يقضي به يومه في وظيفته الحكومية وفي سهراته حتي الفجر في إحدي خمارات وسط البلد الشعبية  يمارس كل أنواع النصب للحصول علي مال يكفي لشراء الخمور الرديئة التي تسكره حتي ينسي ضيق الحال ...


 يدخل الغرفة مترنحاً ينظر لزوجته ( مين البت دي يا وليه ؟) لترد عليه سهام ( بنتك يا مسطول يا ابن المساطيل ) ويرد عليها ( يووووووه عيال تاني طب خشي جوه شويه عشان انام ولا خوديها وناموا ف اي داهية انتِ وهي والواد)

خمسة اعوام مرت علي نفس المنوال سُكر وضيق حال وقوت بالكاد يكفي لإطعام الطفلين  ..اما سهام فكانت تأكل رغيف خبر يتيم بدون اي غموس  .. وكثيرا  كانت جارتها التي تعلم ضيق الحال وتدق علي بابها وقت الغذاء وتخبرها بأن زوجها سيتأخر ف العمل وهي لاتريد ان تأكل وحدها ولكن كبرياء سهام رغم فقرها كان يمنعها وتتحجج بالطفلين ... ومذاكرة الولد وتمر الايام إلي أن أتي اليوم المشؤوم او ربما أعظم حدث منذ زواجها .. 
كانت في زيارة لأحدي قريباتها وعندما عادت وضعت المفتاح في باب الشقة وسمعت اصوات غريبة بالداخل لتفتح الباب وتجد عبد العليم معه فتاة لم تتخطي العشرون من عمرها .استشاطت غضبا ليس غيرة عليه ولكن من بشاعة المنظر .. وضعت كفاها علي عيني طفلتها وصرخت في ابنها ان يغادر المكان .اجتذبت يد الفتاة بعنف وخرجا واغلقت باب المنزل بمنتهي الهدوء دون أن يشعر بوجودهم او حتي غيابهم ... كانت تري درجات السلم وكأنها شعلة نيران تتخطي كل درجة منها  وهي تحمد الله علي النجاة هرولت مسرعة ف حارتهم الضيقة لم تستمع لنداء جارتها ( رايحة فين الساعةدي بالعيال يا سهام)  وكأن عينيها لاتري سوي مشهد الخيانة واذنها لا تسمع سوي ضحكات العشيقة .... 
ركبت اول ميكروباص قابلها لشبرا حيث منزل والدها رحمة الله عليه .فتحت شباك بجوارها كانت تشعر وكانها تختنق وطوال الطريق تتمتم  ( الله يرحمك ويسامحك يا ٱبا قال عايز تستر البت هو ده ستر يا ٱبا ده انا بقيت عريانه قدام الناس وقدام نفسي  قال صاحب اخوكي قال ونعرفه. يعني اخويا عدل اوي بورشمجي وكان ساقينا الامرين الله يسامحك يا ٱبا ) وتجذب  الشال الوردي التي ترتديه للامام علي رأسها لتخفي الدموع التي سالت علي وجنتيها عن اطفالها وكانها نيران تحرقها 


حرقا .... حتي وصلت لاول شارع والدها  وامسكت بيد الطفلين وهي تهبط من الميكروباص مرتعشة وكأنها أصيبت بحمي دون ان تصاب ... وصلت لمنزل والدها فتحت باب الشقة واشعلت اللمبة السهاري فلم يأتي أحد منذ سنوات وكل اللمبات احترقت 


......واجلست الطفلين امامها ومسحت دموعها برسغها ... وصوتها يتشنج من كثرة النحيب ( بصي يا ليلي بص يا علي من النهاردة ملكوش أب ..انا ابوكوا وامكوا ولو هخدم ف البيوت هاطلعكم احسن ناس ولو نجاسته ف چيناتكم انا هاحرقلكم الورث النجس ده بت يا ليلي انتِ بتحبي الرسم انا هاعلمك واخليكي دكتورة ف الجامعة وانت يا واد هاتبقي مهندس ولا دكتور اوعوا تكسروا قلبي يا عيال زي ابوكم اوعوا ) فجري الطفلان عليها واحتضناها بعنف واخذت ف البكاء ... 
مر اسبوع وهي تبحث عن عمل  عملت في محل  احدي أشهر  بائعي المجوهرات بشبرا  لمعرفتهم بوالدها الطيب وبعد ساعات العمل كانت تذهب للعمل في بيوت أكابر شبرا معارف الجواهرجي لكسب مزيد من العيش .... وكانت بنت چورج الجواهرجي فتاة ف الثلاثون من عمرها لم يرزقها الله بأطفال كانت تحب ليلي كثيرا وتعطف عليها  حتي ف الاجازات كانت تصطحبها لتتعلم فن الباليه والرسم في دار الاوبرا ... اما أحمد فكان كما يقولون بلغتنا الشائعة (موس مذاكرة)  فكان يتفهم جيدا وضع امه وما حدث لها من ظلم
 وحينما اتمت ليلي سن الخامسة عشر كانت تذهب لتعمل بإحدي محلات الملابس  في  وسط البلد  ... ورزقها الله بصاحب محل حنون رجل في سن الستين من عمره كان يعطيها ساعة راحة تستذكر فيها وهي تتناول وجبة الغذاء .. كانت تلتهم الساندوتش  والكتب معا...  حتي انتهاء دوامها   التاسعة مساء كانت تسرع لتلحق اول ميكروباص لشبرا.... وهكذا مرت السنون تلو الاخري حتي التحقت ليلي بكلية الفنون الجميلة فكانت موهوبة حقا منذ صغرها .. كل المشاهد والصور رسمتها عم چورچ الجواهرجي أمها أخيها حين كان يسرع سائق الميكروباص بأقصي سرعة كانت ترسم  عمدان النور أشكال المارة المهتزة مع سرعة الميكروباص السائق مشهد واحد رسمته واخفته في خزانة ملابسها  صورة أبيها في أحضان عشيقته رغم صغر سنها الا ان مشهد ابيها لا يفارق عينها صورة اخري لأمراة تحت عينيها سواد قاتم وكأنه ٱثار ضرب وعنف .. بالتأكيد كانت أمها .. وصورة عروستها التي انكسر ذراعها ووقع علي اعتاب الشقة حينما جذبتها أمها من ذراعها واخفت عينيها بكلتا كفيها ... خمس سنوات اجتازتهم بمنتهي المهارة بمساعدة أخيها الذي عين معيد بكلية الهندسة  كانت من اوائل دفعتها كل عام ... ومع تعيينها ف الجامعة اتتها فرصة عظيمة لمنحة خارج البلاد  في دولة ايطاليا ... وبعد مباحثات وشد وجذب وافقت أمها وأخيها ... وقبل أن تحزم امتعتها  نادتها امها وجلست بجوارها تخبرها بانها رأت في خزانتها صورة ابيها وصورتها ... واخبرتها ( مش كل الرجالة عبد العليم ولا كل الستات أنا عندك خالتك وجوزها اللي شالنا كتير عم جورج وجوز بنته أنا حالة نادرة يا بنتي مش عايزاكي تتعقدي من الرجالة أنا كنت مانعة عنك الحب عشان توصلي للي أنتِ فيه دلوقتي أفتحي قلبك خلي الهوا يدخل اتنفسي بقي جه الوقت اللي فيه تسمحي للدنيا تشيلك وتحطك عشان تتعلمي هاتتجرحي وترجعي توقفي علي رجلك وتتجرحي وتوقفي ده حال الدنيا بس أوعي تخلي الحب ينهش قلبك الحب له وشين وش طيب ووش عامل زي الديب بينهش فريسته ميخليش فيها حته سليمة الحب نعمة لولا حبي ليكوا مكنتوش بقيتوا دلوقتي بتشرفوني ولولا الوجع مكنتوش بقيتوا كده مش يمكن لو كنا كملنا مع ابوكي ومحصلش اللي حصل كان زمان معاكي انت واخوكي دبلوم انما ربنا لانه بيحبنا خلي اقدارنا كده عشان اشوفكم احسن الناس ) ثم قبلت جبينها ورتبت سريرها قائلة ( تعالي نامي ف حضني النهاردة واخوكي هايوصلك المطار الصبح بعربيته المحندقة يارب بس توصلوا ف الميعاد ) واحتضنتها ولم يوقظهما غير صوت المنبه فأشارت الساعة الخامسة وطائرتها ف الثامنة مساءا وبعد وداع غمرته كافة المشاعر من ضحك وبكاء وأمل واشراقة حياة جديدة رحلت ليلي حاملة حقيبة سفرها واحلامها وورقة بها عنوان صديقة لها سافرت ايطاليا منذ خمسة اعوام  لتعمل في مجال تصميم الازياء 
بعد رحلة قرابة الثلاث ساعات  وخفقان قلبها اثناء صعود الطائرة وفرحتها بالوجبة التي قدمت اليها ومشاعر اختلطت مابين سعادة غامرة وخوف سعيد أيضا وصلت ليلي لأرض الاحلام بالنسبة لها فكانت ٱخر طموحاتها أن تزور حديقة الازهر ف الاجازات برفقة اخيها وامها ويتناولوا السندوتشات وغزل البنات ... 
ذهبت لمكان استأجرته عن طريق الانترنت


 بعد ان تعلمت بعض الكلمات التي ربما تساعدها في بداية الطريق كانت تنظر من شباك التاكسي بعد وصولها للمباني العتيقة وترسم وترسم حتي صارت تشعر ان البيوت صارت صديقتها ترحب بمجيئها .... وصلت للمنزل التي استأجرته وضعت حقيبتها ثم ارتمت علي اريكة مقابلة لباب منزلها واغمضت عينيها وهي تغني (قولوا لعين الشمس ما تحماشي لحسن حبيب القلب صابح ماشي ) وعلي وجهها ابتسامة تنير ظلام الليل الدامس ...ثم افرغت حقيبتها ورتبت ملابسها في خزانتها  وعلقت لوحاتها علي استاند الرسم واخرجت الوانها ورتبتهم ..وذهبت لتأخد حمام دافيء  وتستريح ... راحت في سبات عميق  اوقظها المنبه في اليوم التالي ارتدت ملابسها البسيطة وهي تعدو هنا وهنا وتبحث عن الورقة التي بها عنوان مفصل لجامعتها 
ومع اول نظرة للجامعة دمعت عيناها فرحاً


 وهمست ( وعد مني لاشرفك يا أمي وارفع راسك)  وبدأت رحلة كفاحها 
كانت تعود من الجامعة ف الخامسة مساء وفي أحدي ايام عطلتها فتحت ستائر شباكها  فكانت تقطن في حي أغلبه عرب ومصريين ... حتي لمحت شاب يطل من شباك امامها يدخن سجائر يبدو من ملامحه أنه مصري لون بشرته القمحي شعره الاسود عيناه العسليتين لم ينتبه لها وجلس علي مقعد وامامه مكتبه واصبح ظهره لها  فضولها ووحدتها جعلتها تتفحص غرفته مليئة بلوحات هندسية وعلي مكتبة جهاز كمبيوتر محمول في مواجهة المكتب  سرير صغير  وبجواره دولاب في مواجهة شباكها  .... ظلت كل يوم بعد مجيئها واستذكار دروسها تراقبه وبدا الامر في



 بدايته كأنه تسليه لها فهي لا ترحب بالخروج كثيرا فمازالت لا تمتلك المال الكافي للتنزه وتناول وجباتها خارج المنزل الي أن تكرر مشهد رؤيته يدخن ويطل من نافذته اجتازها شعور غريب اول مرة تشعر به فكانت شرفته قريبة من شرفتها للحد الذي من الممكن ان تشم دخان سجائره ...
بالطبع كانت تمتلك فتي أحلام في مخيلتها


 بدءا من صديق الطفولة مدرس الكيمياء ف المرحلة الثانوية ولكنها كانت تغلق كل ثغرة تتحدي كل نقطة ضعف من الممكن أن يتخدها احدهم ليدخل قلبها كانت تُفرغ شحناتها وطاقات خيالاتها في كراسة الرسم صور  رموز بعض الخواطر الطفولية. طفولتها  مراهقتها اقتصرت علي احلام المستقبل. الخلاص من كابوس الأب الذي كان يأتي مرة اسبوعيا وكأنه مرغم بعد انفصاله عن الأم لم يكتمل عام حتي وجدوه ملقي بإحدي الحانات سائحا ف دمه بعد عملية نصب علي ٱحدي



 بلطجية المنطقة .. خبر رغم قساوته ولكنه كان سعيداً جدا بالنسبة لاولاده وزوجته  ولكن كابوس سمعته السيئة كان يقتلهم كل ليلة .. أما أحمد  فكان الطفل الرجل. منذ طفولته كان مسئول عن النزول لشراء طلبات المنزل حتي اول يوم في الجامعة بالنسبة لليلي اصطحبها وكأنه ابيها ... كان لا يملك سوي قميصين وبنطلونين فقط ويوفر النقود لأخته لأنه دائما كان يقول ( ليلي البنوته لازم تبقي حلوة طول الوقت ثم يضحك قائلا خلينا نجوزك ونخلص منك بقي ).

 مرت أيام وأيام علي ليلي ف الغربة بنفس الروتين الذي لا يكسره سوي مراقبتها لذلك الشاب الوسيم ... فكانت تأتي بكراسة رسمها وتتأمل ملامحه التي حفرتها ف الذاكرة وترسمه .. لدرجة انه في إحدي المرات أطال الوقفة وظنت انه لاحظ ولا يريد ان يفسد رسمتها عليها ...
( علي الدين  حافظ ) يُدرس بإحدي الجامعات الهندسة المعمارية  شعره الابيض يتناثر فوق رأسه لدرجة انها ظنت انه يكبرها ربما بخمسة عشر عاماً  .... كانت علاقته النسائية تكاد تكون معدومة فهو يهاب دخول تجربة جديدة بعد تجربة خطوبته التي دامت خمس سنوات وانتهت فجأة وبلا مقدمات أخبرته خطيبته انها لا تشعر به تغيرت


 مشاعرها فجأة تجاهه اصبح يهاب الحب يهاب الجرح يهاب الانتظار .. عكف علي المذاكرة حتي حصل علي الدكتوراه من أعرق جامعات ايطاليا وعين في سلك التدريس.... 
ولو علمت ليلي الحقيقة لطارت فرحاً فكان يراقب هو ايضاً ظلها خلف الستارة كان يراقب مواعيد حضورها وعطلاتها  كان يعشق شعرها الاسود الطويل حينما يحركه


 الهواء فيعبث بعينيها السوداويتين كعيون المها فاتضعه خلف اذنها ... حتي ملابسها الرقيقة كانت تشعره بمدي رقتها وجسدها الممشوق وغمازاتها التي ورثتهم عن أبيها وربما هذه هي  الحسنة الوحيدة لعبد العليم ....  
يوم بعد يوم بدأت نظرات بينهم متبادلة بدون كلمات ولا حتي ابتسامات ... ولكنها نظرات هائمة تخبر كل شيء يجري في أذهانهم وقلوبهم حتي يوما ابتسم لها ابتسامة ودودة وردتها له  .... 
حتي ذلك اليوم المشؤوم التي. ذهبت لتحضر بعض البقالة من السوبر ماركت الذي يقع  أمام منزل  علي 



فوجدته يعتلي سيارته الچيب ومرأة تنادي عليه ( خد يا علي  شيل إياد وخلي بالك من مريم جريت علي العربية اهي)   وكأن جبل تلج وقع فوق رأس ليلي وعيناها تسألاه من هذه المرأة انطق ؟ وكانت المسافة لا تتعدي الدقيقتين بين بيتها والبقاله اعتقد انها وصلت في خمس ثواني واتصلت بصديقتها تخبرها بما حدث فطلبت منها صديقتها أن تأتي اليها فوراً فكانت في حالة صدمة والغربة لا تحتمل اي شيء إضافي كفاها انها غربة 



جذبت حقيبة يدها مسرعة واخدت تعدو حتي محطة الاتوبيس الذي اقلها لمنزل صديقتها رضوي واحتضنتها بمجرد ان فتحت لها باب المنزل.  وجلسا يحتسيا الشاي  وتقول لها رضوي مازحة( يعني انتِ بخيبتك بقالك كام شهر عماله تراقبيه وملاحظتيش مراته ٱكل شارب نايم ف اوضته لييييه؟)



 فردت ليلي ( ده لو متجوزها عرفي كانت ظهرت ف مرة ) فقالت لها رضوي مازحة( لا لو عرفي كنتِ شوفتيها كتير الرسمي هما اللي بيبقوا مخاصمين بعض جوه البيت ) فضحكت ليلي علي استحياء وقالت لها كلهم مصطفي ابو حجر وعبد العليم  فردت رضوي. انتِ هتقارني ابو حجر اللي ساب لعياله ملايين بعبد العليم اللي ساب لعياله كنبتين انتريه


 عايزين يتنجدوا وايجار متاخر ... ثم استمعا لصوت ينادي رضوي ولكن بالعربي المكسر. فأخبرتها رضوي ده جاري مستر بتنجانه ناس ليها الباش ميهندز  وناس ليها بتنجانه الذي بلغ من العمر ارزله ..ده حكايته حكاية بقي يا بت يا ليلي.اول يوم شوفته كان قاعد علي



 كرسي متحرك صعب عليا اوي اوي بقيت اجيب له  الطلبات  وبعد شهر  كده ماشية ف الشارع اللي ورانا  لقيته بيجري ولابس فانلة حملات يابت وشورت ولا كانه كريستيانو   فلفيت بسرعة من شارع تاني عشان ميشوفنيش ..وجيت ارن الجرس عليه بعد


 الضهر اباركله انه خف لاقيته قاعد ع الكرسي تاني اتاريه كان رجله ممزوقه بس واستحلي اللعبة  اني الخدامة اللي جابهاله ابوه كان يبص من العين السحرية يشوفني يطلع لي بالكرسي ولما واجهته قعد يضحك ويقول ما احنا لينا ف المقالب زي المصريين ...اصلا يا ليلي ايطاليا دي تحسي انك ف الجيزة اغلبها مصريين وهما برضو صيع كده زينا اوعي



 تفتكريهم خواجات بجد.. فضحكت ليلي بصوت عالي وكأن خفة دم رضوي انستها ولو لبعض الوقت ما حدث  ثم قالت لها رضوي مازحة اوعي تحكي لأمك علي الباش ميهندز يا ٱمنه لحسن تجيب خالك ايطاليا ويتاووكي ف اي متحف هنا ... 

 جاء موعد النوم واخبرتها رضوي  انها سوف تذهب غدا لتحضر لها ملابسها ورسوماتها وكتبها وتعيش معها ويقتسما الايجار ويشعرا بالونس سوياً  فكانت الفكرة ف البداية مرفوضة لبُعد منزل رضوي عن الجامعة ولكن الٱن فضلت ليلي ركوب اكثر من مواصلة علي الإقامة في منزلها ... 
وبعد ثلاث أيام استيقظت ليلي من النوم لتجد ظرف مغلق فتحته فإذا به التالي 
صباح الخير يا ليلتي 
أنا علي الدين حافظ  أبلغ من العمر ثلاث و ثلاثون عاماً اكبر منكِ  بثمان سنوات وليس خمسة عشر عاما شعري أبيض بالوراثة 
مهندس معماري  ... مصري مسلم أعزب . لدي أخ وحيد جاء لزيارتي ومعه زوجته واولاده  وهذه المرأه كانت زوجة أخي وبالطبع الصغار صغارهم  ...والدي ووالدتي توفيا منذ زمن طويل   ...
 اعتذر لكي عن دخولي يوم الثلاثاء الماضي قبل أن تكملي رسم فمي فرايتك يا ليلي وانت ترسميني ولكن فمي  ليس كبير كما رسمتيه فاستشطت غضبا حينما رايت صورتي من وراء ستارك الشفاف ونسيتي قبل ان تغادري اطفاء النور. أتجربين في الرسم يا ليلي. وعيناي عسليتان وليست خضراء ... بالمناسبة اعشق لون عينيكي ولكني سوف التمس لكي العذر فربما لم تدققي في ملامحي جيدا خوفا من ان ألحظ نظراتك .وبعد المسافة نسبيا  وربما انتِ مصابة  بضعف النظر. ولكن ان اعدتيها ثانية. لم ولن اسامحك. ليلي لقد قمت بدفع ايجار الشهر المقبل لصاحب منزلك حتي تعودي خوفاً أن يسكن أحد غيرك .وستسأليني كيف عرفت كل تفاصيل حياتك  ف البداية عن طريق مصادري الخاصة بالجامعة وباقي التفاصيل عن طريق رضوي صديقتك حينما اتت لإحضار الملابس ..أنا ايضا كنت حزين مثلك وكنت شبه مقيم ف النافذة او في سيارتي أمام منزلك انتظر مجيئك حتي اتت رضوي واخبرتني بكل شيء ومش كلهم ياهانم مصطفي ابو حجر انا علي مش عبد العليم يا ليلي ... سأنتظرك ف السادسة مساءاً غداً في المطعم الموجود بأول الشارع.سلامي لكي ولعينيك حبيباتي .....
 استيقظت ليلي في اليوم التالي وكأنها كانت في حلم جميل أخذت فستان من فساتين رضوي فكانت رضوي مصممة ازياء بارعة   فستان لونه ابيض أكمامه ضيقة طويلة وفتحة الصدر مستطيلة .. طويل وناعم من قماش الستان ينساب علي جسدها الممشوق بكل سلاسة ونعومة كانت تبدو كراقصات الباليه  ووضعت في شعرها وردة بلون الفيروز  ...وعقد فيروزي وحذاء بكعب عالي فيروزي اللون وحقيبة بنفس اللون  فكانت الوردة مع لون شعرها الأسود القاتم غاية ف السحر ووضعت قليل من المساحيق. فكانت جميلة لا تحتاج لبذل مجهود لابراز جمالها لون احمر الشفاه الوردي فوق شفتاها المرسومتين بجمال رباني دون تدخل بشري  أضفي جمالاً عليهما فوق جمالهما ... رسمت عينيها بكحل شديد السواد ورسمت خط مائل لأعلي فبدت كملكات  الفراعنة ووضعت بجفنها السفلي لون فيروز  صارت عينيها  سماء تضيء نجومها فتمنحها بريق أخاذ 
وضعت عطر شانيل فقد اهتمت بها صديقتها وكأنه يوم عرسها جميلة تلك الرضوي  .... استقلت تاكسي لتذهب لمكان اللقاء. مطعم (روما سباريتا)
السادسة الا خمس دقائق وصلت ليلي امام المكان دقات قلبها تتزايد تسمع صوت خطوات كعب حذائها مع صوت دقات قلبها يداها ترتجفان قليلا اللقاء الأول بعد ستة أشهر انتظار 
دخلت ليلي من باب المطعم عيناها تبحث عنه حتي وجدت صوت ٱتي من خلفها يرن في اذنها( وحشتيني يا ليلي ) لتلتفت وتتلاقي اعينهما لأول مرة ربما كان صوت دقات قلبهما اعلي من صوت النادل والاطباق وتمتمة الزبائن داخل المكان ... ثم قال لها (يلا نقعد ) جذب لها الكرسي وجلست ثم جلس في مواجهتها وتتوسطهم منضدة خشبية دائرية ذات مفرش بلون ابيض عليه ورود زهرية صغيرة وسألها تشربي ايه وتاكلي ايه يا ست البنات؟ فابتسمت وقالت علي ذوقك يا علي  فأبتسم ابتسامة مليئة باللهفة والشوق والسعادة حينما سمع إسمه لأول مرة من شفتيها  وطلب عصير برتقال وباستا .... ثم بدأ الكلام (بصي يا ستي  انا براقبك من قبل ما تلاحظي وجودي من ساعة ما كنتي بتجري شنطتك وبتحاولي تفتحي الباب. واترميتي ع الكنبة اللي قدام الشباك  كل يوم يا ليلي كنت باطمن انك وصلتي البيت  كنت كتير اصحي الفجر ابص علي شباكك واطمن ان الامور مستقرة. عرفت كل حاجة عنك من الجامعة أنا هنا بقالي كتير ... عرفت حتي من الولد اللي شغال ف الكاڤيتريا بتحبي تشربي ايه وتاكلي ايه  وممكن اسمعلك.  حركة ايدك وانتِ بترسمي سعادة ملامحك وانتِ ماسكه اللوحة وفارداها قدامك وبتبصي عليها ...ايام رجوعك زعلانة وانت بتاكلي ف البيت وعمالة تخبطي بالشوكة ف الطبق ومبتاكليش حياتك كلها قدام الشباك وده اجمل حاجة حصلت عشان اطمن عليكي. هاتساليني متكلمتش ليه ؟ هاقولك خايف خايف من الحب والوجع خايف من البعد خايف اوي انا اتوجعت قبل كده بدون ذنب  بس يا ليلي لما غبتي كام يوم انا اتوجعت حقيقي حسيت بحتة من روحي مشيت وسابتني يمكن الاكل ده اول اكل هاكله من ساعة ما مشيتي ... انا حبيتك يا ليلي  كنت باروح عند قاعة المحاضرات واقف ورا الباب ابص عليكي من غير ما تاخدي بالك .ليلي أنا عايز نكون سوا من غير انتظار ووقت طويل ارجوكي لو موافقة ناخد اجراءتنا بأسرع وقت ... تنهدت ليلي برغم سعادتها تنهيدة مليئة بالقلق  قائلة ( بس انت متعرفش عني اي حاجة ) فرد قائلا (ولا عايز اعرف برغم ان صاحبتك حكيت لي كل حاجة تحسبا اني اعرف منك بعد كده واطلع شخص سيء واوجعك اومال عرفت منين عبد العليم اللي ف الجواب دي يا ذكية. قالها وهو مبتسماً. ثم سألها (موافقة يا ليلي ؟) فابتسمت خجلا واومأت برأسها  إشارة علي الموافقة  وخرجا من المطعم بعد ان تناولا طعامهما  واثناء سيرهما سألته(وهانعمل ايه طيب ؟فأجابها اكيد يا حبيبتي هاكلم اهلك ونسافر مصر نتجوز هناك وسطهم اكيد يعني مش هانكتب كتابنا ف الڤاتيكان وبعيد عن اهلك  فضحكت ليلي بعد ان قالت له بدلال (بطل تغلس عليا ) احاطها بذراعيه وقال لها بصوت هامس (تعرفي إن صوتي حلو ونفسي اغني لك فردت مندهشة بجد ياريت )  
فاحتضنها بذراعيه وقبلها علي شعرها المنساب ثم اخد يغني (ليلي ويا ليلي ويا ليلي أنا قلبي حاسس بيكي من ليلة)

































google-playkhamsatmostaqltradent