قداسة البابا في أمسية مصر: حين يتوحد النيل والتاريخ والإنسان
بقلم؛ النائبة/ إيفا فارس
بكل الاعتزاز والفخر استمعنا إلى كلمة قداسة البابا في مأدبة العشاء بمحافظة أسيوط، تلك الكلمة التي جمعت بين العمق الروحي والوعي الوطني، فارتقت بالحوار إلى مساحة من الإلهام والتأمل.
لقد تحدث قداسته عن النيل، شريان الحياة وروح مصر المتدفقة عبر العصور، كما استحضر فكر المفكر الكبير جمال حمدان الذي صاغ رؤيتنا لهوية الوطن وفرادته الحضارية. فكانت الكلمة بمثابة جسر يجمع بين التاريخ والجغرافيا، بين الروح والمعنى، بين الإيمان العميق والانتماء للوطن.
إن حديث قداسة البابا لم يكن مجرد كلمات، بل كان دعوة صادقة للتأمل في قيمة الوطن كبيت يجمعنا جميعا ، ولإدراك أن النيل ليس مجرد نهر، بل رمز للوجود المصري نفسه. ومن هنا كان حديثه درسا في الوطنية والإنسانية معا، يضيف إلى رصيد الكنيسة والوطن لحظة فخر واعتزاز.
وإذا كانت الوطنية الحقة تعني أن نرى في الوطن انعكاسا للروح والهوية، فإن كلمة قداسة البابا قد جسدت هذا المعنى بأبهى صوره، حين ربط بين الماضي والحاضر، بين الرموز الحضارية والدينية التي التقت عبر العصور على قيمة واحدة هي الاستقامة. فقد أضاء لنا كيف كانت الاستقامة رمزًا فرعونيًا للعدل والنظام الكوني من خلال المسلة، وكيف أصبحت في المسيحية مثالًا للصدق والنقاء من خلال المنارة، وكيف تجلت في الإسلام عبرالمأزنة رمز الإصغاء والوعي بالحق. إنها دعوة لأن ندرك أن الوطن يعلو حين تستند وحدته على محبة صادقة تستظل بظلال القيم المشتركة.
في أمسية مصر، تجلت معاني الوطنية كطريق للمحبة الجامعة، حيث لا تنفصل محبة الوطن عن محبة الإنسان، ولا ينفصل الانتماء عن احترام التنوع الذي يثري هويتنا. إن كلمة قداسة البابا أكدت أن الوطنية ليست مجرد شعور، بل ممارسة تقوم على الأمانة، والعمل، والاستقامة، تلك القيم التي كانت حجر الأساس للحضارة المصرية منذ آلاف السنين، وما تزال قادرة أن تكون قنديل الطريق في حاضرنا ومستقبلنا.
إننا نرى في هذه الكلمة نموذجًا للقيادة التي تنير بالعقل والروح معا، وتؤكد أن الوطن يعلو حين تلتقي الأصوات الصادقة على حبه وصيانته، وحين تكون المحبة هي لغة القلوب والوطنية هي ضمير الأفعال. هكذا فقط نصون مصر، ونكتب معا فصلًا جديدًا من فصولها العريقة
قداسة البابا في أمسية مصر: حين يتوحد النيل والتاريخ والإنسان
بقلم؛ النائبة/ إيفا فارس