كتب: حمدى حسن عبدالسيد
يُعد الماعز النوبي، المعروف محليًا باسم الزرايبي، أحد أعرق السلالات الحيوانية في مصر وإفريقيا، إذ ارتبط منذ قرون ببيئة النوبة وصعيد مصر، قبل أن ينتشر عالميًا ويُستخدم كأساس لتطوير سلالات أخرى مثل "الأنجلو نوبيان" في بريطانيا.
تتميّز هذه السلالة بأذنها الطويلة المتدلية ورأسها المقوس قليلًا فيما يعرف بـ"الأنف الروماني"، إلى جانب ألوانها المتنوعة التي تتراوح بين الأسود والبني والأبيض. ويُعرف الماعز النوبي بقدرته الكبيرة على التكيف مع المناخ الحار والجاف، ما جعله جزءًا لا يتجزأ من حياة النوبيين ومصدرًا مهمًا للغذاء والدخل.
يُصنّف الماعز النوبي كسلالة ثنائية الغرض لإنتاج كل من اللبن واللحم. وتنتج الأنثى خلال موسم الحليب نحو 500 كجم في المتوسط، قد تصل أحيانًا إلى 550 كجم، مع نسبة دهن تتراوح بين 4 و5%، ما يجعله مثاليًا لصناعة الجبن والمنتجات اللبنية ذات الجودة العالية. أما من ناحية اللحم، فيتميّز بجودته وسرعة نموه
ورغم أن جذوره ضاربة في النوبة وجنوب مصر، إلا أن الماعز النوبي بات اليوم منتشرًا في محافظات مختلفة مثل دمياط والدلتا، حيث تقوم وزارة الزراعة بتوزيعه على صغار المربين في إطار برامج تحسين السلالات وتنويع الإنتاج. وتشير تقارير رسمية إلى أن أعداد الماعز في مصر تتراوح بين 3 إلى 4 ملايين رأس، يمثل النوبي نسبة بارزة منها.
نفذت وزارة الزراعة وجهاز مشروعات التنمية الشاملة عدة مبادرات لتربية الماعز، استهدفت قرى الصعيد والمرأة الريفية تحديدًا، عبر توفير رؤوس محسنة وبرامج تدريبية وإرشادية. كما كشفت دراسات بحثية حديثة عن امتلاك الماعز النوبي تنوعًا جينيًا متميزًا، ما يجعله مؤهلًا ليكون محورًا لبرامج تربية انتقائية متقدمة، تسهم في تعزيز إنتاج الحليب وصناعة الجبن المتخصص، وتحقيق مردود اقتصادي مستدام.
بين التراث والإنتاج، يبقى الماعز النوبي ثروة قومية تحمل في ملامحها الأصيلة هوية النوبة، وفي إنتاجها الوافر فرصة لدعم الأمن الغذائي وتمكين الأسر الريفية. وهو ما يجعل الحفاظ على هذه السلالة وتطويرها واجبًا وطنيًا ومشروعًا اقتصاديًا واعدًا في آن واحد.