recent
أخبار ساخنة

المعركة مع العدو الظاهر… مصر الصخرة التي تتحطم عليها أطماع الأعداء /شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
المعركة مع العدو الظاهر… مصر الصخرة التي تتحطم عليها أطماع الأعداء

حسين السمنودي

في زمنٍ تغيرت فيه خرائط الصراع، وتبدلت فيه الوجوه لكن بَقِيَت النوايا كما هي، تطلّ علينا الحقيقة جلية من كلمات فضيلة الشيخ الدكتور حسن عبد البصير، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة مرسى مطروح، حين قال في خطبته الأخيرة: "لو قدمت مصر لأعدائها ما أرادوا، لاستراحت، لكنها الصخرة الصلبة التي يتهدم أمامها الأعداء!". إنها كلمات ليست من باب البلاغة، بل من عمق المعاناة التاريخية والمعركة المستمرة بين شعوبنا الحرة وبين من يتربصون بنا منذ عقود، بل قرون.

إننا نعيش اليوم في قلب معركة كبرى، لم تعد المؤامرة فيها خيالًا أو نظرية، بل واقعًا حارقًا يشتعل في عيون الأطفال، ويُستباح على مرأى من العالم في غزة، ويُقصف ليلًا في دمشق، ويُدمر في صنعاء، ويُخترق في بغداد، وتُغتال فيه السيادة في بيروت، وتُغرس فيه الخناجر المسمومة في خاصرة ليبيا، وتُشعل فيه الفتن في السودان. ولسنا بعيدين عن هذا الطوفان؛ فمصر، برغم كل ما قدمته للعروبة وللإنسانية، ما تزال في مرمى النيران، هدفًا لكل حاقدٍ وطامعٍ وعميل.

إن العدو الصهيوني – الذي كشف وجهه القبيح دون مواربة – لم يكتفِ بسفك دماء الأبرياء في فلسطين، بل تمددت يداه لتغرس الكراهية والدمار في كل زاوية من العالم العربي، وأحيانًا من خلال الحروب المباشرة، وغالبًا من خلال تحريك بيادق الطائفية، وتمويل الانقلابات، وتغذية الانقسامات.

في غزة وحدها، لم تبقَ جرائم يمكن تصورها إلا وقد ارتكبت، نساءٌ تُغتصب، أطفال يُحرقون وهم في أحضان أمهاتهم، مرضى يُتركون ليموتوا تحت الأنقاض، ومراكز الغذاء تتحول إلى مصائد موت. في سوريا، تم تدمير البنية التحتية، وسُفكت دماء الشعب، وغُيبت الدولة المركزية، وصارت الأراضي ساحة لصراع القوى الكبرى وموطئًا للوجود الإسرائيلي في العمق العربي. في اليمن، تتكرر مآسي القصف والدمار، ويُذبح الشعب بين أنياب الجوع والتفجيرات والتدخلات الخارجية. في العراق، ما تزال البلاد تدفع ثمن الاحتلال والتقسيم الطائفي والمخططات الخبيثة التي أبعدت الدولة عن نهضتها. وفي لبنان، تُخنق الدولة اقتصاديًا وأمنيًا، وتُزرع الفتن وتُفتعل الأزمات.

ولأن مصر هي القلب، فهي الهدف الأكثر خطورة على أجندات المتآمرين، ولأنها بقيت واقفة بينما سقطت غيرها، أصبحت في مرمى القذائف السياسية والمخابراتية، وفي بؤرة الحروب النفسية والناعمة والخشنة. كم من مرة حاولوا إغراق مصر في الإرهاب؟ وكم من مرة سعوا لتدمير اقتصادها؟ وكم من مرة استهدفوا جيشها وتشكيك شبابها وإضعاف معنويات شعبها؟ ومع كل هذا، كانت الصخرة الصلبة التي تتحطم أمامها المؤامرات، وتنكسر على صلابتها أحلام العدو بالهيمنة.

ألم تلاحظوا كيف أن كل ما يدور من خرابٍ في منطقتنا يصب في مصلحة كيانٍ واحد؟ كيان يزرع العملاء في العواصم، ويصدر الشائعات للعقول، وينشر الفجور في القنوات، ويغرق الأسواق بالمواد المسرطنة، ويروّج للمخدرات الرقمية، ويقتل بلا رصاصة؟ ذلك هو العدو الحقيقي، الصهيوني العالمي، الذي لا يرى في العرب إلا خدمًا أو جثثًا أو أعداء يجب إبادتهم.

لكن مصر لم ولن تخضع. فمصر التي واجهت التتار والحملات الصليبية، ودحرت الاستعمار البريطاني والفرنسي، وأسقطت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر في 1973، لن تسمح للعدو أن يمر مهما لبس من عباءات أو استخدم من وجوه.

كلمات الشيخ حسن عبد البصير يجب أن تُكتب على جدران الوعي الوطني: "لو قدمت مصر لأعدائها ما أرادوا، لاستراحت!" نعم، ولكن مصر لا تبحث عن راحة الجبناء، بل عن مجد الشجعان، ولا تمد يد الاستسلام، بل ترفع راية السيادة والكبرياء.

نعم، هذه معركة كبرى، تتطلب استعدادًا لا بالسلاح فقط، بل بالوعي، بالثقة في المؤسسات، برفع الروح المعنوية، بالدعاء على المنابر، بالتكاتف الاجتماعي، بدعم الجيش والشرطة، بمحاربة الشائعات، وبالتصدي للانقسام الذي يسعى الأعداء لزرعه بين الشعب والدولة.

ليكن شعارنا في هذه المرحلة: لا تهاون في الدفاع عن مصر، ولا تفريط في ذرة من كرامتها، ولا غفلة عن العدو مهما تنكر بلبوس الصديق.
وليكن يقيننا أن الأمة التي أنجبت العظماء، لا تموت، وأن مصر التي علّمت الدنيا الحضارة، قادرة أن تحمي ذاتها وأمتها من كل من تسول له نفسه أن يقترب من سورها العالي.

حفظ الله مصر، وحمى شعبها، ورد كيد أعدائها في نحورهم، وأبقى رايتها عالية خفاقة، عصيّة على الانكسار.
google-playkhamsatmostaqltradent