بقلم: رحاب حبشى
لطالما سعى الغرب إلى لصق مسمى وفعل "الإرهاب" بدين معين، ألا وهو الإسلام، متغاضين عن حقيقة أن الإرهاب لا ينتمي إلى دين، ولا جنس، ولا عمر.
فالطفل الصغير عندما يتنمر على زميله ويعنفه داخل فصله، فهذا شكل من أشكال الإرهاب، دون النظر إلى دين أو جنسية هذا الطفل.
وأي تصرف عنيف، سواء كان صادرًا عن رجل أو امرأة، طفل أو بالغ، مسلم أو مسيحي أو بوذي، هو إرهاب إن خرج عن الإنسانية وتجاوز حدود العقل.
فلماذا إذًا يحصر الغرب مصطلح "الإرهاب" في دائرة الدين؟
ولماذا تتركز "محاربة الإرهاب" عند أمريكا والغرب في الدول الإسلامية فقط؟
والسؤال الأهم: هل أمريكا والغرب فعلًا ضد الإرهاب؟ أم أنهم جزء من صناعته؟
لن أطيل الحديث في النقطة المتكررة عن أن التنظيم الإرهابي الأخطر في العالم الآن، "داعش"، نشأ وتغذى في أراضي الشام والعراق، تلك الأراضي التي كانت – ولا تزال – تحت السيطرة الأمريكية المباشرة وغير المباشرة.
لكني سأتناول بإيجاز شخصية "محمد الجولاني" – أو كما يُعرف الآن بـ "الرئيس أحمد الشرع"، القيادي البارز في "جبهة النصرة".
هذا الرجل الذي قاد هجمات مسلحة ضد المدنيين السوريين، موجّهًا رصاصه إلى الداخل والخارج، أصبح بين ليلة وضحاها رجل دولة بربطة عنق أنيقة، وسلاحه تحوّل إلى دبلوماسية ناعمة، كما اعتاد السياسيون.
فهل تغيّر الجولاني فعلًا؟ أم تغيّرت نظرة الغرب إليه؟
هل أصبحت الجرائم السابقة وسيلة مشروعة للوصول إلى الحكم؟
وهل باتت الدماء طريقًا معبّدًا إلى الكراسي الرئاسية تحت غطاء "الواقعية السياسية"؟
السؤال يعود من جديد ليُطرح بقوة:
هل تحارب أمريكا الإرهاب؟ أم أنها تعيد تدويره حسب مصالحها؟
كيف لزعيم جبهة كانت تُصنّف ضمن قوائم الإرهاب، أن يُستقبل بالأحضان ويُمنح الدعم – سرًا وعلنًا – من دول طالما ادّعت محاربة الإرهاب؟
هل كان الإرهاب مجرد مرحلة عابرة في حياته؟
أم أن الإرهاب في نظرهم ليس إلا وسيلة تُدين حين تُعادي، وتُغفر حين تُفيد؟!