بقلم: حمدى حسن عبدالسيد
يحتفل العالم سنويًا في 18 مايو من كل عام باليوم العالمي للمتاحف ينظمها المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) منذ عام 1977. بهدف تعزيز الوعي بدور المتاحف في التبادل الثقافي، والتعليم، والحفاظ على التراث، وبناء التفاهم والتعاون بين الشعوب وبهذه المناسبة ندعوك
لزيارة متحف النوبة فهي فرصة لاستكشاف حضارة متميزة ونادرة الوجود، حضارة امتزج فيها الإنسان بالنهر، والفن بالطبيعة. إنه ليس فقط متحفًا، بل رواية حية تُروى على جدران أسوان، تذكّرنا بأن النوبة تحمل دائمًا في طياته ما يستحق التأمل والفخر.
في قلب مدينة أسوان، وعلى مقربة من ضفاف النيل، يقف متحف النوبة شامخًا كجسرٍ بين الماضي والحاضر، يحمل بين جدرانه عبق التاريخ النوبي العريق. افتتح المتحف عام 1997، بمبادرة مشتركة بين الحكومة المصرية ومنظمة اليونسكو، ليكون شاهدًا على حضارة ضاربة في القدم، وذاكرة حية لشعب واجه التهجير والتحديات دون أن يتخلى عن هويته.
صُمّم المتحف بانسجام كامل مع البيئة المحيطة، من حيث الألوان، والخامات، والطابع المعماري المستوحى من بيوت النوبة التقليدية. وتحيط به حديقة أثرية تضم تماثيل ومقتنيات أثرية ضخمة، ما يجعل من زيارته تجربة بصرية وروحية في آنٍ واحد حيث
يضم المتحف أكثر من 3000 قطعة أثرية تمثل مختلف مراحل التاريخ النوبي
تماثيل لملوك نوبة حكموا مصر في الأسرة الخامسة والعشرين، مثل الملك طهارقة.
نقوش صخرية ورسومات تعود لعصور ما قبل التاريخ.
وبالمتحف مجموعة من المجوهرات، وقطع خزفية تحكي عن براعة النوبيين في الصناعات اليدوية.
ويضم المتحف مجسمات كاملة لقرى نوبية تقليدية تُظهر الحياة اليومية قبل تهجير السكان بسبب بناء السد العالي.
متحف النوبة ليس مجرد معرض للقطع الأثرية، بل هو منصة ثقافية تدعم الوعي بالهوية النوبية. تُقام فيه ورش عمل، وعروض تراثية، وأنشطة للأطفال لتعريفهم بجذورهم. كما يستقبل الباحثين والمهتمين بتاريخ النوبة
ويخصص المتحف جناحًا هامًا لتوثيق مرحلة التهجير النوبي التي وقعت في ستينيات القرن العشرين، عندما أُنشئ السد العالي وتغيّرت خريطة القرى النوبية. تُعرض صور نادرة، ووثائق، ومجسمات تجسد معاناة السكان ونضالهم من أجل الحفاظ على هويتهم.