حسين السمنودي
شهدت الساحة المصرية في الآونة الأخيرة تحركًا شعبيًا واسعًا لدعم الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة الأوقاف المصرية تحت عنوان "صحح مفاهيمك"، وهي حملة تهدف إلى تصحيح بعض المفاهيم الدينية والاجتماعية التي قد تكون مغلوطة أو مأخوذة من تفسيرات مشوشة للدين. استهدفت الحملة تصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تؤثر في الوعي العام، وتعزيز قيم التسامح والوسطية والاعتدال في المجتمع المصري.
منذ اللحظة الأولى لإطلاق الحملة، كان هناك تفاعل ملحوظ من كافة فئات الشعب المصري، حيث أبدع المواطنون في تبني أفكار الحملة والعمل على نشرها في شتى أرجاء المجتمع. وكان ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي سعت الحملة للاستفادة منها بشكل واسع، لتصل إلى أكبر عدد من المواطنين في مختلف المناطق، سواء كانت الحضرية أو الريفية.
وتميز الحراك الشعبي في هذه الحملة بدعمه اللامحدود من جانب الأئمة والدعاة في المساجد. إذ أخذت الوزارة على عاتقها أن تكون هذه الحملة أكثر من مجرد ندوات دينية، بل حركة شعبية تدعو إلى التحلي بالقيم الإنسانية المشتركة، ومكافحة الفكر المتطرف. وقد أدت الحملة دورًا مهمًا في تغيير العديد من التصورات الخاطئة التي قد تكون راسخة في المجتمع نتيجة لتسرب بعض المفاهيم المغلوطة عبر السنوات.
على الأرض، كان الحراك الشعبي يتجسد في مشاركة المواطنين بشكل كبير في الفعاليات والندوات التي نظمتها الوزارة. ولم تقتصر المشاركة على فئة معينة من الشعب، بل كانت الحملة بمثابة دعوة عامة لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك الشباب وكبار السن، ورجال الأعمال، والمهنيين، والمواطنين في القرى والمناطق الشعبية.
الحملة، من خلال خطابها التوعوي، نجحت في تحفيز الناس على التفكير النقدي والتشكيك في بعض الممارسات التي قد تخلط بين الدين والعادات الاجتماعية. وكان لجهود وزارة الأوقاف في تقديم رسائل واضحة ومباشرة في المساجد دور كبير في وصول تلك المفاهيم إلى كافة أطياف المجتمع. كما تمكنت الحملة من التغلب على بعض التحديات التي واجهتها مثل مواجهة الفكر المتطرف، من خلال استقطاب الجميع تحت سقف واحد وهو "الوسطية والاعتدال".
ومع مرور الوقت، بدأ الحراك الشعبي يظهر في النتائج الملموسة، حيث بدأ المواطنون في تبني هذه المفاهيم الجديدة بشكل غير مسبوق. كانت الحملات الإعلانية عبر منصات الإعلام الاجتماعي جزءًا من هذا التكاتف الشعبي، حيث تطوع الكثير من الشباب بنشر رسائل الحملة وتوزيع المواد التوعوية عبر الإنترنت، مما ساعد في نشر الحملة بشكل سريع وواسع.
ومن أبرز ملامح التكاتف الشعبي مع الحملة كان وجود حالة من التعاون بين فئات مختلفة من المجتمع، بما في ذلك المجتمع المدني. فقد اجتمع الجميع على هدف واحد: تصحيح المفاهيم الخاطئة، والتأكيد على قيمة التسامح، والانفتاح على الآخر. وقد ظهرت هذه الوحدة بشكل جلي في المبادرات المجتمعية التي تم تنظيمها على مستوى القرى والمدن المصرية، حيث قام المواطنون بعمل جلسات حوارية وتثقيفية لنشر أفكار الحملة، مما عزز من حضورها في الحياة اليومية للمصريين.
إن ما يمكن ملاحظته من هذه الحملة هو أن وزارة الأوقاف المصرية استطاعت أن تخلق نوعًا من التفاعل الشعبي الإيجابي الذي لا يتعلق فقط بمبادرة حكومية بل بحراك مجتمعي يحمل رسالة واضحة: ضرورة التصحيح والاعتدال في فهم الدين وتطبيقه في حياة الناس. هذا التكاتف بين جهود الوزارة ووعي المواطن جعل من حملة "صحح مفاهيمك" أكثر من مجرد مبادرة دينية، بل تحولت إلى حركة شعبية لها تأثير عميق على المجتمع المصري بأسره.