تراثنا النوبى هوية حية نابضة في اليوم العالمي للتراث
كتب : حمدى حسن عبدالسيد
في الثامن عشر من أبريل من كل عام، يقف العالم للاحتفال بـ يوم التراث العالمي، وهو مناسبة دولية أعلنتها منظمة اليونسكو عام 1983، بهدف تسليط الضوء على أهمية حماية التراث الثقافي والطبيعي للبشرية. لا يقتصر هذا اليوم على الاحتفاء بالمواقع الأثرية فقط، بل يشمل أيضًا العادات والتقاليد والفنون التي تُشكّل هوية الشعوب وعمقها التاريخي.
وفي اليوم العالمي للتراث، نُسلّط الضوء على أحد أعرق وأغنى الثقافات في وادي النيل، وهي الثقافة النوبية، التي تقف شاهدة على تاريخ ضارب في الجذور، يمتد لآلاف السنين، منذ عصور ما قبل التاريخ، مرورًا بممالك كوش ونبتة ومروي، وصولًا إلى حاضرٍ لا يزال يحتفظ بالكثير من تفاصيل الماضي في الذاكرة والوجدان.
اللغة النوبية، إحدى أقدم اللغات الأفريقية، لا تزال تُنطق في القرى الممتدة على ضفتي النيل جنوب مصر وشمال السودان، وتُعدّ وعاءً لتراثٍ شفهي غني بالأمثال والحكايات والأساطير، التي توارثها النوبيون جيلًا بعد جيل.
أما الزي النوبي، فهو عنوان للأناقة والبساطة، حيث يعكس انسجام الإنسان النوبي مع بيئته، بألوانه الزاهية ونقوشه التي تحاكي الرموز القديمة. ويأتي البيت النوبي، بهندسته الفريدة وزخارفه الجدارية، ليؤكد مدى عبقرية النوبي في استخدام موارده الطبيعية لبناء مساكن تتلاءم مع المناخ وتحافظ على الهوية.
وفي التراث النوبي، للموسيقى والرقص حضورٌ طاغٍ، حيث تستخدم الطبول والدفوف في الاحتفالات والمناسبات، وترافقها الأغاني التي تحمل معاني المحبة والحنين للنوبة القديمة كما أن العادات والتقاليد النوبية تعبّر عن قيم التضامن والكرم والاحترام، خاصة في المناسبات الاجتماعية مثل الزواج والمواليد والأعياد.
لكن رغم هذا الثراء، يبقى التراث النوبي مهددًا بالتآكل والنسيان، ما لم تتضافر الجهود لحمايته وتوثيقه وتعليمه للأجيال الجديدة. لذا، فإن اليوم العالمي للتراث يمثل دعوةً مفتوحة لإحياء هذا الموروث العظيم، وتذكير العالم بقيمة الثقافة النوبية، كجزء لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك.
فلنحتفل بتراثنا النوبي، لا كذكرى، بل كهويةٍ حية نابضة فينا وفي أبنائنا.