✍🏻 ك. م. د
كل منا يُحيط من حولُه أُناسٌ كثيرون ينقسمون عندنا إلى أقسام منهم المعارف و منهم الأصحاب،منهم سطحيون و منهم قريبون،منهم أقارب و منهم أغراب،منهم عشرة سنين و منهم من كانت معرفتهم لمصالحٍ ما أو ظروف
وعندما يُوضع الإنسان في تجربةٍ قاسيةٍ في حياته أو كربٍ شديدٍ يُعيد ترتيب هؤلاء و أولياتهم عندَهُ حسب مواقفهم مَعَهُ ووقفتهم بجانبه أثناء هذه التجربة
ولكن أصعب ما يَمُر بالإنسان عندما يكتشف فجأه أن كُل منْ حوله أصبحوا سراب في تجربته أو كانوا يرتدونَ أقنعه على وجوهِهم و أنهم ما هم إلا مجرد زحام من البشر كانوا حوله،و يضيعون لَهُ الكثير منْ الوقت و الجُهد
فإذا بهِ يَخرُج من كل هؤلاء بشخصٍ واحدٍ،يكتشف أن وسط هذا الزحام و هذه الضوضاء لم يُدرك وقتها قيمتُه و أن قُربه و معرِفَتهُ كانت ممكن أن تُغنيه عن كل هؤلاء البشر فالإكتفاء بهِ كنزٌ و نعمه و رزقٌ من الله و القُرب منهُ حياه مختلفة تماماً لها طعم و قيمه و جمال كان غافلاً عنها وسط زحام البشر،و كأنه كان يرتدي نظارةً سوداء تُشوش لَهُ الرؤيه و عندما اقتلعها من على وجهِه أصبحت الرؤية عندهُ أكثرَ وضوحاً و نقاءً،وعندما إقتربَ منهُ أكثر و أكثر شعرَ كل يوم يَمُر به أنهُ توأم روحه أو مِرآتِه أو نفسهِ التي يستطيع أن يتحدث إليها عن كل ما يدور بداخله دونَ خجل أو مجامله أو كذب ليُصبح مِرآتِه التي يرى فيها نفسه بكل وضوح دونَ تزييف أو مكياج أو ألوان
فما أجمل هذا الشعور أن يكونَ عندنا أحدٌ أقرب إلينا من أنفُسنا يخافُ علينا حتى من نفسه،صادقٍ أمين
شعورٌ لا يُوصَف،شعورٌ مُريحٌ للقلب و النفس لا يُشبهُهُ شعورٌ آخر أجمل و أنقى من هذا
شخصٌ تُحَدِثهُ عن عيوبك قبل مميزاتك بكل صدقٍ و شفافيه، ترتمي في أحضانه بالحديث مَعَهُ عندما تضيق بكَ الدُنيا، تبكي مَعهُ حتى تُخرِج كل ما في نفسك من ضيق و هم و حُزن،أوقاتٌ لا تستطيع التحدث مَعَهُ ولو بكلمة من شدة ضيقك النفسي و مع ذلك يشعر بك في كُل وقت،يعرف ما بِداخلك حتى و هو بعيدٌ عنك،يشعر بحزنك قبل فرحك،يدعي لكَ مُتمنياً لك كل الخير قبل نفسِه،تكون أقرب ما له و هو أقرب ما لك،ليس بقريبٍ ولكنه الأقرب ،إلتقاءٌ للأفكارٍ غريب و للطبعٍ والروح ،يُشجعك و يُدعمك و يُساندك و يكون دائماً في ظهرك و إن وقعت يُمسك بيدك ليُنهِضك من جديد،يرى نُقطة ضعفك قوه،تكون عارياً أمامِه بدونَ خجل في أفكارك و مشاعرك
هو الأمل لحظة اليأس
معهُ لا تشعُر بُحزنٍ أو بأس
لكن وجود مثله نادراً في الدنيا أو مُحالاً،أشبَه ما يكونَ ملاك على هيئة بشر،إذا وجدتموهُ في زمنِنا هذا تمسكوا بوجودِه معكم و بجانبكم و حافظوا على وجوده بأن لا تتحدثوا عليهِ لأحد أبداً فقد لا يُصدقكم أو يَتهِمُكم بالجنون أو يَحسدُكُم عليه
فهوَ الصدق و الأمان
منبعٌ للحبِ والحنان
هوَ الفرحةُ وسط الأحزان
هوَ فارس من الفُرسان
هوَ الأمان وسط الحيتان
هوَ النجاه من البُركان
حقاً هو أروعُ ما في الزمان