recent
أخبار ساخنة

ارتفعت الشهادات وقلت الأخلاق /شيفاتايمز

ارتفعت الشهادات وقلت الأخلاق

حسين السمنودي 

في زمننا الحالي، أصبح الحصول على الشهادات العلمية أمرًا شائعًا وسهل المنال، ولكن في المقابل، تراجعت الأخلاق في كثير من جوانب الحياة. لقد باتت الجامعات تخرج آلاف الطلاب سنويًا، يحملون شهادات مرموقة، ولكن هل تعكس هذه الشهادات بالضرورة علماً حقيقياً أو أخلاقاً رفيعة؟

اليوم، أصبحنا نرى الطبيب الذي يجري عمليات دون ضمير، والمهندس الذي يغش في البناء، والمعلم الذي لا يؤدي رسالته بإخلاص، والمسؤول الذي يبيع ضميره لمن يدفع أكثر. كل هؤلاء يمتلكون شهادات، لكن أين القيم التي كانت تجعل من صاحب العلم قدوة ومصدر أمان للمجتمع؟

لم تعد المسألة متعلقة فقط بالتحصيل الأكاديمي، بل تعدت ذلك إلى منظومة قيمية انهارت تدريجياً. لم يعد للعلم هيبته الحقيقية حينما تحوّل إلى وسيلة لتحقيق المكاسب لا إلى وسيلة لنهضة الأمم. ارتفعت الشهادات، ولكن الأخلاق تدنت، فأصبحت المناصب تُشترى، والوظائف تُكتسب بالوساطة، والنجاح يقاس بالمظاهر لا بالكفاءة.

المشكلة لا تكمن فقط في الأفراد، بل في النظام نفسه، حيث أصبح التعليم يركز على الدرجات أكثر من الفهم، وعلى الحفظ أكثر من الإبداع، وعلى الامتحانات أكثر من القيم. وبهذا، تخرج أجيال تحمل شهادات لكنها تفتقد المبادئ التي تجعلها تستحق هذه الدرجات العلمية.

إن الأخلاق ليست رفاهية، بل هي الأساس الحقيقي لأي تقدم حقيقي. فلا قيمة لشهادةٍ يحملها شخص لا يحترم قواعد النزاهة، ولا فائدة من علمٍ لا يصحبه ضميرٌ حي. إن المجتمعات لا تبنى بالمؤهلات فقط، بل تبنى بالأمانة، والإخلاص، والصدق، وهذه الصفات إن لم ترافق الشهادات، فمصيرنا جميعًا إلى الانحدار.
google-playkhamsatmostaqltradent