حسين السمنودي
وسط إشتداد نيران الحرب في فلسطين، ومع تصاعد بطش الاحتلال الصهيوني بحق الأبرياء، يبرز في الأفق سيناريو طالما حلم به كل عربي ومسلم، وهو دخول الجيش المصري إلى الأراضي الفلسطينية محرراً، لا فاتحاً، ليعيد الحق إلى أصحابه، وينهي عقوداً من الاحتلال والظلم.
إنه يوم يترقبه التاريخ، يوم تهتز فيه الأرض تحت أقدام الصهاينة، حينما تتقدم القوات المصرية بكل ما تمتلكه من قوة وعزيمة، مستندة إلى عقيدة راسخة بأن القدس ليست مجرد أرض، بل شرف الأمة وعزتها. تتوغل الدبابات المصرية في غزة، وفي الضفة الغربية، وصولاً إلى القدس الشريف، حيث يقف الجنود عند أسوار المسجد الأقصى، يرفعون راية النصر ويؤدون صلاة الفاتح المنتصر، كما فعل أجدادهم في حطين وعين جالوت.
العالم الذي لطالما ساند الكيان المحتل، يقف مذهولاً أمام قوة الإرادة، فالجيش المصري لا يواجه العدو وحده، بل يواجه قوى استعمارية عالمية سعت لعقود إلى إبقاء فلسطين أسيرة الاحتلال. لكن، كما علمنا التاريخ، فإن إرادة الشعوب الحرة أقوى من أي مخطط، والمقاومة التي بدأت برصاصات قليلة، تتكامل مع جيوش الأمة، لتكتب فصلاً جديداً في الصراع العربي الصهيوني.
وما إن يعلن خبر تحرير المسجد الأقصى، حتى تهتز العواصم العربية والإسلامية بصيحات التكبير، المساجد ترفع آذان الفجر بنغمة النصر، والملايين يخرجون إلى الشوارع فرحين، يوزعون الحلوى، ويرفعون الأعلام، ويبكون فرحاً وهم يشاهدون صور الجنود المصريين وهم يرفعون راية الأمة فوق قبة الصخرة.
في مكة والمدينة، في إسطنبول وكراتشي، في الرباط والخرطوم، في جاكرتا وكوالالمبور، كل مدينة إسلامية تتحول إلى ساحة احتفال، والأئمة يلهجون بالدعاء شكرًا لله، والجماهير تهتف بأسماء جنود الجيش المصري، الذين كتبوا بدمائهم هذا الفصل العظيم من تاريخ الأمة.
ولم يكن هذا النصر مجرد تحرير أرض، بل كان تحريراً للكرامة العربية والإسلامية، ورسالة للعالم بأن الأمة إذا توحدت، فإنها قادرة على سحق الطغيان مهما كان مدعوماً. إنه انتصار يعيد الثقة إلى الشعوب، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة، حيث تتخلص الأمة من التبعية والضعف، وتبدأ في بناء مستقبلها بأيديها، مستندة إلى تاريخها المجيد وقوتها المتجددة.
ولقد قامت "إسرائيل" على أسطورة الجيش الذي لا يُهزم، لكن معركة التحرير هذه أثبتت أن هذه الأسطورة زائفة، وأن هذا الكيان المصطنع ليس إلا وهماً صنعته القوى الاستعمارية، وعندما واجه إرادة أمة حرة، انهار كما انهارت قبله إمبراطوريات الظلم والطغيان.
إنها لحظة لا تخص مصر وحدها، بل تخص كل عربي ومسلم، لحظة ينحني فيها التاريخ احترامًا لتضحيات الأبطال، لحظة تُكتب فيها نهاية الاحتلال، وتُفتح أبواب المسجد الأقصى من جديد، ليصلي فيه المسلمون بحرية، بعد عقود من القهر والحرمان.
إنه وعد الله، وإن غداً لناظره قريب.