لماذا تخاف إسرائيل من الرئيس السيسي؟
حسين السمنودي
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة مصر، برز كقائد قوي يضع المصالح الوطنية المصرية فوق كل اعتبار، وينتهج سياسات تحقق توازنًا دقيقًا بين القوة والدبلوماسية. وعلى الرغم من العلاقات الرسمية بين مصر وإسرائيل، فإن هناك عوامل عدة تجعل إسرائيل تخشى السيسي أكثر مما تعترف بذلك علنا.
أولا: الرئيس السيسي أعاد لمصر دورها التاريخي كقوة محورية في الشرق الأوسط، حيث أصبحت القاهرة نقطة ارتكاز أساسية في أي معادلة تخص المنطقة، سواء في القضية الفلسطينية أو الأمن الإقليمي أو حتى في ملفات الطاقة والموارد. هذا الحضور القوي يقلق إسرائيل، التي كانت تراهن على ضعف مصر بعد 2011.
ثانيا : رغم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، يظل الموقف المصري حازمًا في دعم الحقوق الفلسطينية. الرئيس السيسي وقف بقوة ضد مخططات تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وأكد في أكثر من مناسبة أن القضية الفلسطينية خط أحمر، كما لعبت مصر دورًا كبيرًا في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة عبر جهودها في التهدئة والمصالحة الفلسطينية.
ثالثا : منذ توليه الحكم، أطلق الرئيس السيسي خطة طموحة لتحديث الجيش المصري، ليصبح واحدًا من أقوى الجيوش في المنطقة، من حيث التسليح والتدريب والاستعداد القتالي. التوسع في امتلاك الأسلحة المتطورة، مثل حاملات الطائرات والغواصات المتقدمة والطائرات المقاتلة الحديثة، يثير قلق إسرائيل، التي كانت تعتمد على تفوقها العسكري في أي معادلة أمنية.
رابعا : إسرائيل لطالما فضّلت دولًا عربية ضعيفة أو خاضعة للنفوذ الأمريكي، لكن مصر في عهد السيسي أثبتت استقلالية كبيرة في قراراتها، سواء في الملفات الإقليمية أو العسكرية أو حتى الاقتصادية. هذه الاستقلالية تزعج إسرائيل، لأنها تعني أن القاهرة لن تكون ورقة يمكن التلاعب بها بسهولة.
خامسا : كانت إسرائيل تأمل في استمرار الفوضى في سيناء، لكن الرئيس السيسي قاد عمليات كبرى للقضاء على الجماعات الإرهابية، وأعاد الأمن والاستقرار للمنطقة، مما أفشل أي مخططات لاستغلال هذه الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية أو أمنية
سادسا : إسرائيل تخشى أيضًا من النهضة الاقتصادية المصرية، خصوصًا مع مشروعات مثل قناة السويس الجديدة، ومشروعات الغاز في البحر المتوسط، التي جعلت مصر مركزًا إقليميًا للطاقة، ما يحدّ من قدرة إسرائيل على التمدد اقتصاديًا.
.... وختاما لذلك فإن الرئيس السيسي يمثل نموذجًا للقائد القوي الذي لا يساوم على المصالح الوطنية، ويعيد بناء الدولة المصرية وفق رؤية استراتيجية واضحة، وهو الأمر الذي يقلق إسرائيل، التي اعتادت على جيران ضعفاء أو متواطئين. ولذلك، فإن الخوف الإسرائيلي من السيسي ليس مجرد هواجس، بل هو انعكاس لواقع جديد فرضته مصر في عهد قائدها.