بقلم / أسماء مالك
هذه الأيام أصبح من السهل أن نرتدي أقنعة زاهية تُخفي أوجاعنا الحقيقية.
نعيش داخل صورٍ محسّنة ومنشورات مليئة بالمشاعر المصطنعة، لكنها غالبًا ما تكون مجرد انعكاس للحظاتٍ مقتطعة بعناية، نخشى أن يكشف العالم خلفها حقيقتنا.
خلف كل ابتسامة على شاشة الهاتف، هناك قصة مكتومة، وخلف كل "أنا بخير"، هناك قلبٌ منهك.
تأملتُ ذات يوم قصةً لشابة جميلة، اعتادت أن تملأ صفحاتها بصور مليئة بالحب والمغامرات مع زوجها.
كان الجميع يحسدونها على حياتها التي بدت مثالية، لكنها كانت تعيش عالماً آخر. الحب الذي أظهرته للعالم كان كالمسرحية، وأصعب أدوارها كان إقناع نفسها قبل إقناع الآخرين. في لحظةٍ قاسية، انهارت الأقنعة، وظهرت الحقيقة الموجعة: لم يكن الحب كافيًا لتجميل القسوة التي عانتها في الخفاء.
وعلى الجانب الآخر، هناك ذلك الرجل الذي يبدو في مجال عمله قويًا ومتزنًا، لكن قلبه مُثقلٌ بألم الفقد. لم يتحدث عن ابنته الصغيرة التي فقدها قبل سنوات، لكنها ظلت حاضرةً في كل نظرة حزنٍ تخترق ملامحه عندما يرى طفلاً يضحك. حاول أن يبني نجاحاتٍ مهنية تعوضه عن فراغها، لكن روحه كانت تبحث دائمًا عن ضحكةٍ افتقدها.
وكم من أمٍ تُخفي دموعها وراء كلمات التشجيع لأبنائها، تحمل أعباءً تفوق قدرتها، لكنها تختار أن تبدو قوية لأجلهم؟ وكم من صديقٍ يهاتفك ليضحك على أمور تافهة، لكنه ينهي المكالمة ليعود إلى عزلةٍ موحشة؟
الحقيقة أن خلف كل وجهٍ نراه هناك مشاعر خفية وقصص لم تُحكَ. بعضنا يختار الصمت، وبعضنا يحاول التظاهر، لأننا نخشى أن نُظهر ضعفنا أمام الآخرين.
لذلك، ربما علينا أن نكون أكثر رحمة في تعاملنا مع بعضنا البعض.
لنتوقف عن الحكم على الناس من خلال مظاهرهم أو كلماتهم القليلة.
في هذه الحياة المليئة بالضغوط، كل واحد منا يُحارب معركته الخاصة، وكلنا بحاجةٍ إلى لمسة إنسانية، كلمة طيبة، وربما نظرة تفهّم.
في الأخير نعِ أن القصة الكاملة لا تُحكى أبدًا.
لكن خلف كل قناعٍ، هناك إنسان يُصارع ليبقى واقفًا، وهناك قلوب تنبض بأمل أن يأتي يومٌ يكون فيه العالم أكثر صدقًا ورحمة.