إسرائيل وخطة ما بعد الهزيمة: مخططات طويلة الأمد لتدمير العرب
حسين السمنودي
بعد هزيمتها الساحقة في حرب أكتوبر 1973 على يد الجيش المصري، بدأت إسرائيل في إعادة صياغة استراتيجياتها لضمان عدم تكرار هذا السيناريو الذي هز أركانها. ومن خلال دراسات دقيقة أجرتها بالتعاون مع خبراء عسكريين واستخباراتيين من مختلف أنحاء العالم، خلصت إلى مجموعة من الأسباب الجوهرية التي قادت إلى هزيمتها. على ضوء هذه الأسباب، وضعت إسرائيل خطة شاملة تستهدف تفتيت القوة العربية والقضاء على أي تهديد مستقبلي.
الدروس المستفادة من الهزيمة
تعلمت إسرائيل أن إرادة الشعب العربي، روح الشباب، والدعم الإقليمي والدولي لمصر، كانت عوامل حاسمة في النصر. كما أدركت أهمية الدعم العسكري السوفيتي حينها لمصر، فضلاً عن دور الدول العربية الأخرى التي ساندت مصر سياسيًا واقتصاديًا.
المخططات الممنهجة لتدمير الأجيال العربية
بدأت إسرائيل في تنفيذ خطة شاملة استهدفت تدمير العرب من الجذور، خصوصًا الأجيال الصغيرة، لضمان القضاء على أي فرصة لنهضة مستقبلية. هذه الخطة لم تقتصر على إضعاف الجيوش أو تفتيت الدول، بل طالت الجسد العربي ذاته، وخاصة الأطفال، لأنهم جيل المستقبل وأمل الأمة.
1. الأطفال بين المرض والموت البطيء
شهدت العقود الأخيرة انتشارًا غير مسبوق لأمراض مزمنة وخطيرة بين الأطفال في مصر والدول العربية. امتلأت المستشفيات بأطفال يعانون من السرطان، الفشل الكلوي، أمراض الكبد، فقر الدم، وتشوهات الأجنة. هذا الواقع المأساوي لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة مباشرة لاستيراد أغذية ومبيدات مسمومة تحمل هرمونات ومواد كيميائية خطيرة أدخلتها إسرائيل وأذرعها التجارية إلى الأسواق العربية.
أُغرقت الأسواق بالمنتجات الزراعية والغذائية الملوثة التي تسربت من خلال سلاسل توريد مشبوهة، لتصل إلى موائد العرب، دون أن يدركوا أن هذه المنتجات تحمل سُمًا قاتلًا. النتيجة كانت أجيالًا تعاني من تدهور صحي شامل، وهو ما انعكس على المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للعرب.
2. تشويه الأجنة في بطون الأمهات
لم يتوقف الأمر عند الأمراض المزمنة، بل امتد ليشمل الأجنة في بطون الأمهات. ظهرت حالات متزايدة لتشوهات خلقية لم تكن شائعة من قبل. أثبتت الدراسات أن المبيدات والمواد الكيميائية المسرطنة التي استهدفت الزراعة العربية لعبت دورًا رئيسيًا في هذه الكارثة، حيث أدت إلى اضطرابات جينية أصابت الأجيال القادمة قبل أن ترى النور.
3. خلق أجيال ضعيفة وغير قادرة على المواجهة
كان الهدف الإسرائيلي واضحًا: القضاء على الجيل القادم وهو لا يزال في مهده. فالطفل الذي يكبر وهو يعاني من مرض مزمن لن يتمكن من المشاركة بفاعلية في بناء وطنه أو مواجهة أي تهديد خارجي. هذه الخطة لم تستهدف فقط الجسد العربي، بل أيضًا روحه.
من القتل بالأسلحة إلى القتل بالسموم
إسرائيل التي فشلت في مواجهة الجيش المصري والعربي بالأسلحة التقليدية في حرب أكتوبر، تحولت إلى أساليب غير مباشرة لكنها أكثر فتكًا. ركزت على الحرب الكيميائية والبيولوجية من خلال تصدير مواد مسرطنة ومدمرة للصحة. كانت هذه المواد تصل إلى الشعوب العربية عبر منتجات غذائية، مستحضرات تجميل، وحتى أدوية غير موثوقة.
تدمير المستقبل العربي بكل الوسائل
لم تكتفِ إسرائيل باستهداف الصحة فقط، بل عملت على تنفيذ خطط متكاملة لإشعال الفتن الداخلية، تدمير الأنظمة التعليمية، وتوجيه الشعوب نحو الفوضى. كما عملت على تقويض الدول الداعمة لمصر في حربها مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن.
ختامًا
ما نشهده اليوم من انتشار الأمراض بين الأطفال، وتشوهات الأجنة، وتدهور الصحة العامة، هو جزء من حرب خفية شنتها إسرائيل على العالم العربي منذ هزيمتها في 1973. هذه الحرب التي اعتمدت على المبيدات والمواد الكيميائية والهرمونات المدمرة ليست أقل خطورة من الحرب العسكرية.
إن إدراك حجم هذه المخططات والعمل على مواجهتها يبدأ بالوعي، ووضع سياسات صارمة لحماية الغذاء والماء والبيئة من التلوث المتعمد، وتحقيق نهضة صحية شاملة تنقذ الأجيال القادمة من هذا الدمار المتواصل.