recent
أخبار ساخنة

حرب الاستنزاف الإسرائيلية الحديثة ضد الدول العربية: استراتيجيات التفكيك والإنهاك الشامل /شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
الصفحة الرئيسية

 







حرب الاستنزاف الإسرائيلية الحديثة ضد الدول العربية: استراتيجيات التفكيك والإنهاك الشامل


حسين السمنودي 


تطورت أدوات الصراع الإسرائيلي مع الدول العربية لتتجاوز المواجهات العسكرية المباشرة، لتتحول إلى حرب استنزاف طويلة الأمد تعتمد على تكتيكات حديثة متعددة الأبعاد، تستهدف إنهاك الدول العربية سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا. لم تعد إسرائيل تعتمد فقط على القوة العسكرية التقليدية، بل باتت تستخدم الحروب السيبرانية، والإعلامية، والاقتصادية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية دون الحاجة إلى الدخول في مواجهات شاملة مكلفة.


إن إسرائيل، منذ عقود، أدركت أن التفوق العسكري وحده ليس كافيًا لضمان السيطرة على المنطقة، لذلك تبنت استراتيجيات مرنة تستند إلى زعزعة الاستقرار الداخلي في الدول العربية من خلال تأجيج الصراعات الداخلية، ودعم الجماعات المسلحة، ونشر الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي. كما اتجهت إلى استهداف البنية الاقتصادية لبعض الدول عبر التحالفات الإقليمية، أو من خلال الضغط على المؤسسات المالية العالمية لفرض عقوبات اقتصادية تزيد من أزمات هذه الدول.


وفي موازاة ذلك، شنت إسرائيل حربًا نفسية وإعلامية مدروسة تستهدف الرأي العام العربي، وتسعى لتفتيت الثقة بين الشعوب وحكوماتها، بالإضافة إلى تشويه الرموز الوطنية والنضالية. كما لعبت التكنولوجيا دورًا رئيسيًا في هذه الحرب عبر الهجمات السيبرانية التي استهدفت منشآت حيوية، وقطاعات اقتصادية مهمة في بعض الدول العربية، مما أدى إلى خسائر كبيرة وإرباك دائم للأنظمة الإدارية والاقتصادية.


لم تقف إسرائيل عند هذا الحد، بل استغلت التطبيع السياسي والاقتصادي مع بعض الدول العربية كأداة لاختراق المجتمعات من الداخل، وفرض واقع جديد يسهل من خلاله السيطرة على مفاصل القوة في المنطقة. كما سعت إلى فرض سياسات جديدة تستنزف الموارد الطبيعية للدول العربية، خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات متواصلة.


إن حرب الاستنزاف الإسرائيلية الحديثة ليست مجرد مواجهات متفرقة، بل هي استراتيجية طويلة الأمد، تهدف إلى إبقاء الدول العربية في حالة من الضعف المستمر والانقسام الداخلي. يتطلب التصدي لهذه الحرب وعيًا عربيًا مشتركًا، وتنسيقًا إقليميًا فعّالًا، بالإضافة إلى بناء منظومات دفاعية متكاملة، تواكب التطورات الحديثة في مجالات الأمن السيبراني، والإعلامي، والاقتصادي.


في النهاية، تظل هذه الحرب أخطر بكثير من أي مواجهة عسكرية مباشرة؛ لأنها تعتمد على استنزاف الدول دون إطلاق رصاصة واحدة، وتهدف إلى إضعافها من الداخل، حتى تصبح عاجزة عن مواجهة التحديات الإقليمية أو الدفاع عن سيادتها.

google-playkhamsatmostaqltradent