recent
أخبار ساخنة

الطفل الكئيب



 قصة قصيرة كتبها: أيمن صلاح


في صباح يوم دراسي جديد، دخلت المعلمة الفصل بابتسامة، وراحت تتفحص وجوه تلاميذها الصغار بمرح، ليبادلها الجميع الابتسامة باستثناء طفل وحيد يجلس في آخر الصف، بملابس رثة ووجه عابس. نظرت إليه المعلمة بتعجب وقالت بصوت عالٍ: "أنت تلميذ كئيب ونكدي!"، فضحك زملاؤه، بينما بقي هو جامدًا، كأن مشاعره قد تجمدت تمامًا.

خلال الحصة، تجاهلته المعلمة، وفي استراحة الفسحة، خرج الأطفال بفرح وحيوية، لكنه ظل جالسًا، مستندًا برأسه على يديه حتى غلبه النعاس. عندما انتهت الفسحة وعاد الطلاب، وجدته المعلمة نائمًا، فأخذت تضربه ليصحو، ولكنه لم يبدِ أي تفاعل، فقط نفس النظرة الهادئة الخالية من أي تعبير.

طلبت منه الذهاب إلى المدير، وسارت خلفه وهي تنهره، وحين وصلا، استقبله المدير بحنان ووضع يده عليه، وقال للمعلمة: "روقي يا أبلة، تعرفيش ظروفه." فردت بانفعال: "تلميذ فاشل، دائم النوم، ومظهره غير لائق!"

طلب المدير منها أن ترافق الطفل إلى منزله بعد اليوم الدراسي، لتتحدث مع ولي أمره وتفهم ظروفه أكثر. وافقت على مضض، وفي نهاية اليوم، خرج الطفل ليجدها بانتظاره، فأخبرها بخجل أنه سيعرج على مطعم عم عصام. وافقت وهي تراقبه بدهشة، ورأت عم عصام يسلمه بعض المال، وعندما سألته، أخبرها أن الطفل يتيم ويعمل بعد المدرسة ليساعد جدته وأخوته الصغار، إذ يمضي يومه في غسل الصحون ليؤمّن لهم لقمة العيش.

شعرت المعلمة بالندم، لكنها استمرت في طريقها معه إلى صيدلية، حيث اشترى دواء لجدته المريضة.

سار الطفل مع معلمته مسافة طويلة حتى وصلا إلى بيت متواضع، وهناك كان إخوته ينتظرونه، يفتحون كيس الطعام بنهم بينما تراقبهم جدتهم بحب وصبر. نظرت المعلمة إلى الطفل بنظرة امتنان، واحتضنته معتذرة، لكن عندما أرادت أن تعطيه بعض المال، رفض قائلاً بثقة: "أنا رجل البيت، وأستطيع العناية بأسرتي."

في اليوم التالي، دخلت المعلمة الفصل ونظرتها تغيرت نحوه، رأته الآن كبطل صغير يتحمل مسؤولية أكبر من سنّه. ابتسمت له وقالت للتلاميذ: "درسنا اليوم عن تحمل المسؤولية." ونظرت إلى تلميذها الكئيب لترى لأول مرة بريقًا من الأمل يرتسم على ملامحه.

google-playkhamsatmostaqltradent