بقلم / أسماء مالك
في خضم الأحداث المتسارعة والتحديات الإقليمية والدولية، تبرز مصر دائمًا بوصفها ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة. هي أرض الأبطال، وأم الحضارات التي لم تُهزم على مر العصور. مصر القوية، صاحبة الإرادة الحديدية، التي لا ترضى بالضعف ولا تقبل الهوان، كانت وستظل رمزًا للعزة والشموخ، حامية لأرضها وحصنًا منيعًا لأشقائها في لحظات الشدة.
مصر والسودان... دعم لا يتوقف
في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة تصعيدًا كبيرًا في السودان، حيث ظهرت ميليشيات الدعم السريع كتهديد لاستقرار الدولة. مصر، بدورها، كانت حاضرة بقوتها العسكرية وإمكانياتها الكبيرة لدعم الأشقاء. لم تتردد في التدخل لحماية الأمن القومي السوداني، وهو ما بدا واضحًا في عمليات الطيران الحربي المصري بطائرات السوخوي الحديثة في منطقة جبل موية. لم يكن هذا مجرد تدخل عسكري، بل رسالة واضحة لكل من يتجاوز حدوده: مصر لن تسمح بتهديد أمن جيرانها، وستظل سندًا لأشقائها في كل المواقف الصعبة.
كانت منطقة جبل موية محور هذا التدخل، لما لها من أهمية استراتيجية كبرى. فهي تضم القيادة المركزية لميليشيات الدعم السريع وأكبر تجمعات لقواتها. كما أن موقعها يتيح السيطرة على محاور حيوية تربط النيل الأبيض والنيل الأزرق، وتضم مواقع عسكرية سودانية هامة مثل الفرقة "17 سنجة" وقاعدة كنانة الجوية. السيطرة على هذه المنطقة تعني قطع خطوط الإمداد والاتصال بين الميليشيات، مما أضعف قدرتها على المقاومة وأعاد التوازن لصالح الجيش السوداني.
قوة مصر تُعيد التوازن في الصراع
لم يكن تحرك مصر عسكريًا في السودان سوى جزء من دور أكبر تلعبه على الساحة الإقليمية. قوة مصر الجوية، المتمثلة في طائرات السوخوي الحديثة، ليست مجرد استعراض للقوة، بل هي رمز للتفوق والتقدم الذي حققته القوات المسلحة المصرية في العقود الأخيرة. فهي رسالة لكل من تسول له نفسه تهديد استقرار المنطقة بأن مصر تقف على أهبة الاستعداد للدفاع عن أمنها وأمن حلفائها.
دور مصر في دعم الاستقرار الإقليمي
ولا تقتصر قوة مصر على الساحة السودانية فحسب، بل تمتد لتشمل الصراع الدائر في أوكرانيا. فعندما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية عن خسائر الجيش الروسي، جاءت تصريحات موسكو برد قوي، موضحة أن قدرتها الإنتاجية تتجاوز ما يمكن لحلف النيتو بأكمله مواجهته. وسط هذه التحولات، يبقى موقف مصر ثابتًا وواضحًا في دعم الاستقرار وإيجاد التوازن بين القوى، في الوقت الذي تتابع فيه المشهد العالمي بدقة وحنكة.
مصر والحلفاء... يدًا بيد من أجل مستقبل أفضل
على الجانب الآخر، كانت مصر دائمًا سبّاقة في تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية، وخاصة في منطقة شرق البحر المتوسط. تحالفت مع اليونان وقبرص لرسم حدود بحرية تعزز من سيادتها على ثرواتها، وتمكنت من الوقوف بوجه تحالفات أخرى كانت تهدف للسيطرة على مواردها. لقد أثبتت مصر أنها قادرة على الدفاع عن حقوقها ومصالحها بكل شجاعة، وأنها لن تقبل بأي تدخل يمس أمنها أو يهدد استقرار المنطقة.
كما أن تحركات مصر الاستراتيجية لم تقتصر على شرق البحر المتوسط، بل امتدت أيضًا إلى البحر الأحمر، حيث رفضت الانضمام لتحالفات دولية كانت تهدف لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الآخرين. وبدلًا من ذلك، اختارت مصر الوقوف إلى جانب الدول الأفريقية، لتشكيل تحالف قوي ضد الهيمنة الدولية، واستعادت دورها كقائد إقليمي يعتمد عليه في تعزيز الاستقرار والازدهار.
أمريكا وإيران... نظرة مصرية ثاقبة للأحداث
وفي الوقت الذي تشهد فيه أمريكا تحديات داخلية بسبب الأعاصير والكوارث الطبيعية، فإن مصر تدرك تمامًا أن السياسة الأمريكية، التي كانت دائمًا تسعى لفرض سيطرتها على منابع النفط والغاز في العالم، تحتاج إلى تغيير. مصر لا تنسى التاريخ، وتعلم جيدًا أن شعوبًا كثيرة دفعت ثمن الرفاهية الأمريكية، لكنها في الوقت نفسه تبقى حريصة على التعاون الدولي المتزن الذي يحقق مصالحها ويحترم سيادتها.
أما في إيران، فالأحداث تتسارع مع اكتشاف شبكات التجسس والتآمر الداخلي، مما يعكس هشاشة الوضع هناك. وفي هذا السياق، تبقى مصر قادرة على قراءة الأحداث وتحليلها بعمق، حفاظًا على أمنها القومي وتوازناتها مع القوى الإقليمية.
مصر... العزة والصمود
اليوم، تقف مصر على مفترق طرق حاسم، وقد اختارت طريق العزة والصمود، مستعينةً بتاريخها العريق وشعبها الذي لا يقبل إلا بالنصر. مصر التي أخرجت الغاز من البحر المتوسط واستعادت حقها من خلال تحالفاتها الذكية، هي نفسها مصر التي تحركت بذكاء في البحر الأحمر، واختارت التعاون مع "الحرافيش" من دول أفريقيا بدلًا من الركض وراء التحالفات الكبرى.
ستظل مصر دائمًا قادرة على فرض كلمتها ومواقفها، وستبقى حامية لمصالحها ومصالح حلفائها، ساعيةً نحو مستقبل أفضل وأكثر استقرارًا. وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: "يا شعب مصر، مسيركم في يوم ستعرفون أنكم غيرتم المنطقة كلها". إن هذا اليوم قد اقترب، ومصر مستعدة لقيادة المنطقة نحو عهد جديد من السلام والقوة، بشعبها وجيشها القوي وحلفائها المخلصين.
تحيا مصر في كل الازمان