رحاب حبشي
"قدرت ألمس قلوب الناس" هذه أبرز جملة لفتت نظري قالتها لي محاورتنا وأنا أحاورها... تخيل أن تدخل الفرح لقلب الناس بمجرد رسمة ونقشة، لكن ليس على ورقة عادية، بل رسمة على جدران الدنيا من حولك. أينما تذهب بهمومك وهموم الدنيا، تجد فرحة وبهجة مرسومة أمامك، دون أن تحتاج إلى البحث عنها.
الجرافيتي لا يقتصر فقط على إدخال السرور إلى قلوب الناس، بل قد يساعد أيضًا في توفيق رأسين في الحلال... مثلما حدث مع فناني جرافيتي أسوان، الزوجين مها جميل وعلي عبد الفتاح.
إليكم نقاشي وحواري مع الفنانين ونبذة عن الجرافيتي...
حوار الفنانة مها جميل
س: هنبدأ عن بدايتك، كلميني كيف بدأتِ مع الجرافيتي؟
أول حاجة، مصطلح كلمة جرافيتي دا فن مستحدث وأصله المساجين في أمريكا، هم اللي اخترعوه، ومعناه الكتابة على الحائط. أما اللي أنا بعمله اسمه فن الجداريات (street art)، ودا يرجع بدايته لعهد المصري القديم.
اكتشفت أني بحب أرسم على الجداريات وأنا في الكلية عشان مساحتها أكبر من اللوح، وقلت لازم أرسم في بلدي، خصوصًا أن أسوان فيها طبيعة جميلة وناسها مميزين بالعادات والتقاليد والملامح. فقلت لازم أساهم في تجميل مدينتي بثقافتها وتراثها المميز.
س: فاكرة إيه أول عمل جرافيتي ليكِ؟ كان عن إيه؟ وإحساسك كان إيه وقتها؟
أول جدارية كانت على سور البوسطة، وكانت بداية، ورد فعل الناس كان إيجابي جدًا، وانتشرت جدًا داخل وخارج مصر، والحمد لله، والأهم أني قدرت ألمس قلوب الناس بيها. ولما اتعرف أني أنا اللي رسمتها، ابتدوا يبعتولي إنهم حاطينها غلاف على موبايلاتهم وعلى صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، وطبعينها في بوسترات في بيوتهم وخلوها مصدر أمل وبهجة ليهم.
وكانت الجدارية عن شخص مصري بيفتح الجدار، والجدار كان ورقًا يفتحه بسهولة، وداخل منه بصيص من الضوء، وده معناه بصيص من الأمل، وده كان بعد ثورة 25 يناير.
إحساسي كان إحساس الجدارية اللي رسمتها، وإحساس كل إنسان شافها وحس بروحه بتطير وحرة بالخير والبركة بتاعت بلدنا وأخلاق بلادنا.
س: أعمالك بتنقل رسائل معينة ولا مجرد رسمة ترفيهية؟
هدفي للترفيه، وده بيعدل مشاعر الناس نفسيًا للأجمل لأن دا فن.
وللبلد من ناحية الثقافة والعادات والتقاليد المتعارف عليها بشكل إيجابي، وإظهار ثقافتنا بشكل حضاري وفني، زي ما عمل كده المصريين القدماء. وده جزء من التقدم في جميع المجالات، وللسياحة الداخلية والخارجية.
س: تفتكري ممكن يكون الجرافيتي جزءًا من الفن الرسمي والمؤسسات الفنية، ولا تفضلي يبقى فنًا شعبيًا خاصًا بالشارع؟
فن الشارع بيخدم جميع المهن وجميع الأعمال، سواء خيرية أو للأعمال التجارية. هو هادف لجميع المناطق، وبيخدم المجتمع الخدمي بشكل كبير.
س: إيه هو عملك الجاي؟ أو فكرة عنه على الأقل؟
الحمد لله تم إنجاز مشروع (رمز النيل)، وهو مشروع تطوير فنطاس المياه القديم، والذي يعتبر أثريًا من عهد الملكية.
فكرته إظهار خير بلدنا من ثروات الوطن من مياه، والأيدي العاملة، والزراعة، والصناعة، والتعليم، والطاقة الشمسية، والخزان، والسد العالي. وأيضًا الفنطاس (برج المياه) يرتفع عن الأرض حوالي 50 مترًا، والجدارية في أعلى البرج مرسومة بزاوية 350 درجة وبتُشاهد من جميع المناطق السياحية في أسوان، ومن جميع الجهات لبيوت سكان المدينة.
وإن شاء الله في المرحلة القادمة ستكون هناك جداريات تشرح ثقافات ومعالم أسوان بشكل مفصل، وده للسياحة الخارجية والداخلية.
حوار الفنان علي عبد الفتاح
س: كلمنا حضرتك عن بدايتك مع الجرافيتي؟
البداية كانت في الأقصر سنة 2014، قمت بإنشاء فريق من الفنانين المتخصصين لنشر الثقافة بالفن عن طريق رسم جداريات في الشوارع والميادين، وتجميل البواخر السياحية بما يتناسب مع ثقافة المكان. وكان اسم المشروع (متحف الفن المفتوح).
س: هل كان الجرافيتي سببًا في تعرفك على زوجتك مها؟ وكيف؟
احنا كنا أصحاب دراسة من قبل فكرة الرسم على الجداريات، ومن بعدها شجعنا بعض على ذلك.
من خلال دراستنا للفنون والتاريخ، قدرنا نطلع بفكرة ترسيخ وتوثيق حضارتنا وفنوننا المتوارثة في الشوارع والميادين، والمراكب، ومحولات الكهرباء، والسيارات، وأوجه العمارات، وتوظيف الفن على أي شكل مناسب بنشوفه.
س: إيه أكتر عمل تعتز بيه؟
كل عمل فني لينا بنعتز بيه لأنه بيكون ليه قصة وشغل كتير علشان يطلع بشكله النهائي.
س: لديك فنانين جرافيتي أو آخرين تستلهم منهم؟
الفنان بيشتغل العمل الفني بنفسه، ما ينفعش حد ينفذ بداله، وإلا يبقى العمل الفني مشترك بمجموعة.
وأنا ومها بنشتغل فننا بإيدينا، لكن في المبادرات بنجيب متدربين وبنشرف عليهم.
س: كيف ترى تقبل المجتمع لفن الجرافيتي؟ هل واجهت أي انتقادات أو صعوبات من السلطات أو الجمهور؟
تقبل المجتمع للفن المطروح للعامة بيكون من أصعب التحديات، لأنه بيتم تقييمه على مدى ثقافة ووعي المجتمع في المكان، فبيتم مراجعتنا للتصميمات أكثر من مرة قبل التنفيذ.
وتقبل المجتمع لفننا إيجابي بنسبة كبيرة والدليل على الاستمرارية.
س: إيه هو عملك الجديد؟ وهل سيكون وحدك أم مع مها؟
حاليًا إحنا الاثنين بنسعى لمشروعات فنية لتنشيط السياحة في أسوان، لدخولنا على الموسم السياحي، وعمل جداريات عملاقة تؤكد على عظمة الحضارة وجمال الطبيعة والثروات الطبيعية والبشرية.
---
دخول السرور لقلب إنسان شيء جميل وقيم جدًا، وده ممكن يكون بأشكال كثيرة، مثل هدية بسيطة تتمثل في رسمة معبرة على حائط بألوان مبهجة. كن على يقين أن من يزرع السرور اليوم يحصده غدًا...
علي ومها اختاروا طريقتهم لإسعاد الناس، وأنت طريقتك هتكون إيه؟!