لهيب الأرض ودماء السماء: فلسطين ولبنان بين أنقاض الحرب وصمود الحياة
حسين السمنودي مدير مكتب الاسماعيليه
في قلب الشرق الأوسط، حيث تتعانق الجبال مع البحر وتمتزج رائحة الياسمين بعبق التاريخ، تنزف الأرض والإنسان. فلسطين ولبنان، جراح متجددة، أمم تكافح ضد الظلم والتدمير، وشعوب تمسك بالحياة رغم كل قسوة.
فلسطين، أرض الزيتون المقدس، لا تزال تكابد من أجل البقاء. هناك، خلف الجدران والأسلاك الشائكة، تُكتم أصوات الأطفال وتدمع عيون الأمهات. لم تكن نكبة فلسطين مجرد تهجير شعب؛ بل كانت اقتلاعًا للجذور، وخرابًا للبيوت التي تظل رائحة الأجداد حاضرة فيها. الحصار، الاحتلال، الاعتقالات، والموت الذي يخطف الأحبة بلا رحمة، كلها حقائق يومية يعيشها الفلسطينيون. على الرغم من هذا، لا يزالون يقاومون، ليس فقط بالسلاح، بل بالحفاظ على الهوية، الأرض، والكرامة.
على الجانب الآخر من الحدود، في لبنان، البلد الذي نجا من حروب وصراعات لا تنتهي، هناك مأساة تتجدد. بين أحياء بيروت وقرى الجنوب، تكاد لا تجد أسرة لم تفقد عزيزًا في الحرب، أو لم تُشرد من منزلها. لبنان الذي حمل لعقود أعباء اللجوء، وجد نفسه الآن يكافح تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، وتفجيرات طالت حتى قلب العاصمة، مخلفةً دمارًا نفسيًا وجسديًا.
لبنان، الوطن الذي يتنفس من شرفاته أملًا، يُعاني من نزيف مستمر. أبناء هذا البلد، الذين بنوا حضارة من ثقافة وتعايش، يجدون أنفسهم الآن تحت ضغط الاغتراب القسري. يهاجر الكثيرون بحثًا عن حياة كريمة، بينما يبقى آخرون متمسكين ببلدهم، يحاولون بناء شيء من الأنقاض.
ما يجمع فلسطين ولبنان ليس فقط الحدود الجغرافية، بل أيضًا المشتركات من الألم والأمل. فالشعوب هناك تعودت على سماع دوي الانفجارات وصرخات الأطفال، لكنها تعودت أيضًا على مقاومة الانكسار. على الرغم من كل شيء، الحياة تستمر، والناس يبحثون عن الفرح في أبسط الأشياء: في ضحكة طفل، في زراعة شجرة جديدة، أو في حفل زفاف يقام رغم الدمار.
من فلسطين إلى لبنان، قصة صمود لا تنتهي. فتلك الأرض المليئة بالدماء والدموع هي نفسها التي تفيض بالحياة كلما أطل عليها صباح جديد.