recent
أخبار ساخنة

معركة المنصورة الجوية: ملحمة النصر فى سماء أكتوبر ٧٣ /شيفاتايمز

شيفاتايمز SHEFATAIMS
الصفحة الرئيسية

 









معركة المنصورة الجوية: ملحمة النصر  فى سماء أكتوبر ٧٣


حسين السمنودي مدير مكتب الإسماعيليّة 


تُعد معركة المنصورة الجوية واحدة من أعظم المعارك الجوية في تاريخ مصر الحديث، وهي مثال حي على البطولة والتضحية التي جسدتها القوات الجوية المصرية خلال حرب أكتوبر 1973. في هذا اليوم المجيد، تمكن الطيارون المصريون من إحباط أكبر غارة جوية على مصر منذ بداية الحرب، محققين انتصارًا كبيرًا على القوات الجوية الإسرائيلية، التي كانت تُعد واحدة من أقوى القوات الجوية في العالم آنذاك.


...خلفية المعركة

خلال حرب أكتوبر 1973، سعت القوات الإسرائيلية إلى تحقيق التفوق الجوي بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها على الجبهة الأرضية. فبعد نجاح مصر في عبور قناة السويس وتحقيق تقدم كبير على الجبهة الشرقية، أدركت إسرائيل أن تأمين السيطرة الجوية بات أمرًا حاسمًا لموازنة الخسائر وتعطيل العمليات المصرية.


وفي إطار هذا السياق، خططت القيادة الإسرائيلية لشن هجوم جوي واسع النطاق على القواعد الجوية المصرية في منطقة الدلتا، بهدف تدميرها وشل قدرة مصر على استخدام الطائرات في العمليات العسكرية. كانت القاعدة الجوية في المنصورة هدفًا رئيسيًا للهجوم الإسرائيلي نظرًا لموقعها الاستراتيجي ودورها الحاسم في حماية الجبهة.


...التحضيرات المصرية


في المقابل، كانت القوات الجوية المصرية على أهبة الاستعداد، مستفيدة من التجارب السابقة والدروس المستخلصة من حروب 1967 و1969. على الرغم من التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، كانت مصر تمتلك نظام دفاع جوي محكم وطيارين مدربين على أعلى مستوى، والذين كانوا مستعدين للدفاع عن أرضهم بأي ثمن.


كان التنسيق بين الدفاعات الجوية المصرية والطائرات المقاتلة على أعلى مستوى من الكفاءة. أُعدت الطائرات المصرية لتكون في حالة تأهب قصوى للرد على أي هجوم محتمل، وتم تدريب الطيارين على المناورات الجوية والتكتيكات التي ستمكنهم من التصدي للطائرات الإسرائيلية، التي كانت من طراز "فانتوم" و"سكاي هوك" الأمريكية المتطورة.


...أحداث المعركة


في صباح 14 أكتوبر 1973، شنت إسرائيل هجومًا جويًا كبيرًا، تضمن أكثر من 160 طائرة مقاتلة إسرائيلية، وكان هدفها الرئيسي تدمير قاعدة المنصورة الجوية. استهدفت الهجمة تحقيق الضربة القاضية للقوات الجوية المصرية، مما يتيح لها السيطرة على المجال الجوي ومن ثم دعم عملياتها العسكرية على الأرض.


لكن الطيارين المصريين كانوا في انتظار هذا الهجوم، وكانوا مستعدين لمواجهة تلك الموجة الهائلة من الطائرات الإسرائيلية. خرجت الطائرات المصرية من طراز "ميج-21" و"سوخوي-7" لملاقاة العدو في السماء، في معركة دامت نحو 53 دقيقة، وهي واحدة من أطول المعارك الجوية المسجلة في التاريخ.


...بطولات الطيارين المصريين


تميزت المعركة بشجاعة استثنائية من الطيارين المصريين، الذين قاتلوا في ظروف صعبة ضد قوات جوية تفوقهم من حيث العدد والتكنولوجيا. على الرغم من هذه الفروق، أظهر الطيارون المصريون مهارات قتالية فريدة وشجاعة لا تُضاهى. استطاع الطيارون، بفضل تدريباتهم المكثفة وخبرتهم، تنفيذ مناورات مبهرة في السماء، مما أربك الطيارين الإسرائيليين وأفشل خططهم.


وأبرز هؤلاء الأبطال كان الطيار محمد عاطف السادات، شقيق الرئيس المصري أنور السادات، الذي استشهد في إحدى الطلعات الجوية أثناء مواجهته للطائرات الإسرائيلية. جسد استشهاده رمزًا للتضحية والفداء، وأكد عزيمة المصريين في الدفاع عن أرضهم حتى آخر قطرة دم.


كما برز الطيار صبحي الشيخ، الذي تمكن من إسقاط عدة طائرات إسرائيلية باستخدام أسلوب الاشتباك القريب، الذي يتطلب مهارات فائقة وشجاعة كبيرة. ونجح الطيار محمد زكريا كمال في تدمير طائرة "فانتوم" إسرائيلية، رغم محاولاتها المتكررة للهروب والمناورة، ليثبت أن الخبرة والجرأة يمكن أن تتفوق على التكنولوجيا.


...نتائج المعركة


أسفرت المعركة عن إسقاط 17 طائرة إسرائيلية، بينما لم تفقد مصر سوى عدد قليل من طائراتها. هذا النصر الساحق كان له تأثير كبير على معنويات القوات المصرية، كما أثبت للعالم قدرة مصر على التصدي للتفوق الجوي الإسرائيلي.


وقد أدت هذه الخسائر الفادحة إلى تراجع القوات الإسرائيلية عن شن أي هجمات جوية كبيرة على مصر لبقية فترة الحرب، حيث أدركت القيادة الإسرائيلية أن القوات الجوية المصرية كانت قادرة على الدفاع عن سمائها بكفاءة عالية.


....العوامل المؤثرة في النصر المصري


تعددت الأسباب التي أدت إلى هذا الانتصار الكبير في معركة المنصورة الجوية. من أبرز تلك العوامل:


1. التدريب المكثف للطيارين المصريين: منذ نهاية حرب 1967، عملت مصر على تحسين كفاءة طياريها وتدريبهم على أعلى المستويات، مما ساعدهم في التفوق على أعدائهم في هذه المعركة الحاسمة.



2. التنسيق العالي بين الدفاعات الجوية والقوات الجوية: كانت شبكة الدفاعات الجوية المصرية تلعب دورًا حيويًا في إضعاف فعالية الهجمات الإسرائيلية، من خلال تعطيل توجيه الطائرات الإسرائيلية وإعاقة قدرتها على المناورة.


3. التكتيكات الجوية الذكية: اعتمدت القوات الجوية المصرية على تكتيكات "الاشتباك القريب" التي مكنت الطيارين من الاستفادة القصوى من قدراتهم الفردية في مواجهة طائرات أكثر تطورًا تكنولوجيًا.


4. العزيمة والروح الوطنية: كان الطيارون المصريون مدفوعين بروح وطنية قوية ورغبة عارمة في حماية سماء مصر، مما جعلهم مستعدين للتضحية بكل شيء من أجل النصر.


....تخليد ذكرى المعركة


في 14 أكتوبر من كل عام، تحتفل مصر بذكرى معركة المنصورة الجوية وتكرم بطولات الطيارين الذين شاركوا في هذه الملحمة. تم إعلان هذا اليوم "عيد القوات الجوية المصرية" ليكون تكريمًا للأبطال الذين حافظوا على سماء مصر وصانوا كرامتها.


وقد أصبحت هذه المعركة مصدر إلهام للأجيال القادمة، وهي تذكير بأن الإرادة والشجاعة يمكن أن تتغلب على أي تحدٍ، حتى لو كانت القوة العسكرية والتكنولوجية للطرف الآخر تبدو ساحقة.ومن فعلها مرة يستطيع أن يفعلها مرات عديدة .حفظ الله مصر قيادة وأرضا وشعبا .

google-playkhamsatmostaqltradent