"أمانة الكلمة"
بقلم أشرف عبدالعال
في عصرٍ تتسارع فيه المعلومات وتتشابك فيه الأحداث، تبرز أهمية أمانة الكلمة كقيمة أساسية يجب أن يتحلى بها الجميع، سواء كانوا صحفيين، كُتّابًا، أو حتى أفرادًا عاديين يتواصلون مع الآخرين. الكلمة ليست مجرد حروف تتناثر في الهواء، بل هي سلاح ذو حدين، قد تبني أو تهدم، تجمع أو تفرق. ولعل الفهم العميق لأمانة الكلمة هو ما يحدد الفارق بين الإعلامي المسؤول، والمروج للشائعات والمغالطات.
وتحمل الكلمة في طياتها مسؤولية عميقة تجاه الآخرين. فالكلمة المكتوبة أو المنطوقة قد تكون مصدر إلهام وتحفيز، أو قد تكون سببًا في الألم والتشويه. وفي الوقت الذي تتنوع فيه وسائل الإعلام وتنتشر الأخبار بسرعة غير مسبوقة، يصبح الالتزام بأمانة الكلمة أمرًا بالغ الأهمية. فالصحفي أو الكاتب يحمل على عاتقه مسؤولية نقل الحقيقة بأمانة وموضوعية، دون تشويه أو تحريف.
الصحافة بين الأمانة والإثارة
يواجه الصحفيون تحديات مستمرة في محاولة موازنة الأمانة مع جذب الانتباه. فبينما تميل بعض وسائل الإعلام إلى تضخيم الأحداث أو تحريف الحقائق لتحقيق نسب مشاهدة أو قراءة أعلى، يبقى الصحفي الحقيقي مدركًا أن أمانة الكلمة هي العمود الفقري لمهنته. في ظل هذا التحدي، يجب على الصحفي أن يدرك أن مصداقيته تبنى على التزامه بأخلاقيات المهنة، والتي تأتي في مقدمتها نقل الحقيقة بموضوعية وتجرد.
تأثير الكلمة في المجتمع
تنعكس أهمية أمانة الكلمة على استقرار المجتمعات وتماسكها. فالكلمات قادرة على إشعال الفتن أو التهدئة، وخلق التوترات أو تعزيز الوحدة. عندما يُساء استخدام الكلمة، قد تُخلق فوضى اجتماعية أو سياسية. وفي المقابل، عندما تُستخدم الكلمة بمسؤولية، تسهم في بناء جسور الثقة بين الأفراد والمؤسسات، وتحقق التوازن في المجتمع.
الكلمة في عصر الإعلام الجديد
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار المدونات والمواقع الإخبارية غير التقليدية، باتت الكلمة في متناول الجميع. هذا التطور التكنولوجي زاد من أهمية الأمانة في نقل المعلومات، حيث أصبح من السهل نشر الأخبار الكاذبة أو المشوهة، مما يضع مسؤولية أكبر على عاتق كل من ينشر أو يشارك المعلومات. ومن هنا، يجب أن يدرك الجميع أن كل كلمة تُنشر قد تكون لها تبعاتها، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
أمانة الكلمة في الحياة اليومية
لا يقتصر الالتزام بأمانة الكلمة على الصحفيين أو الإعلاميين، بل هو واجب أخلاقي على كل فرد في المجتمع. في الحياة اليومية، تتعدد المواقف التي يتعين فيها على الأشخاص التفكير قبل التحدث أو الكتابة. سواء في المناقشات العامة أو الخاصة، في وسائل التواصل الاجتماعي أو في الاجتماعات العائلية، يجب أن نعي دائمًا أن لكل كلمة نقولها أو نكتبها تأثيرًا قد يستمر لفترة طويلة.
في النهاية، تظل أمانة الكلمة هي الأساس الذي تبنى عليه العلاقات الإنسانية والمجتمعات. سواء كنت صحفيًا، كاتبًا، أو مواطنًا عاديًا، عليك أن تتذكر دائمًا أن كلماتك تحمل مسؤولية، وأن استخدامها بحكمة وأمانة هو ما يحدد دورك في بناء أو هدم جسور الثقة في محيطك.
"الله ولي التوفيق"