تحت الشجرة...
بقلم / أيمن عبدالناصر
كانت تلعب تحت الشجرة وتضحك مع أصدقائها، وحينما تعبوا جلسوا يتكلمون عن آبائهم. وعندما أرادت أن تتكلم عن أبيها، انفجر الأصدقاء بالضحك. فهمت سبب ضحكهم، فتغيرت ملامحها، ونزلت دموعها على وجهها البريء، وانقلبت ضحكتها إلى أنين، وتركتهم وذهبت.
وفي الصباح، كان أبوها يجلسها على قدمه ويمازحها، وهي تضع خدها عليه. همست له في أذنه: "أبي، لماذا أنت أسود؟"، وسألت ببراءة الأطفال التي تملأ تعابير وجهها. ففهم الأب أنها تتعرض للسخرية من أصدقائها.
فقال لها مبتسمًا: "لماذا تسألين؟".
قالت: "لأن أصدقائي يسخرون مني...".
فقال لها: "نعم، أنا أسود وشكلي قبيح، ولكن بعد أن أعود من العمل سأغير شكلي إلى الأبيض، وستفرحين بشكلي الجديد."
فرحت الطفلة فرحًا شديدًا وذهبت إلى أصدقائها لتبلغهم بالخبر السعيد: "أبي سيغير شكله ويصبح أجمل من آبائكم!"، فضحك الأطفال وقالت لهم: "سترون...".
وفي العمل، اتفق الأب مع صديق له أن يرتدي ملابسه ويذهب إلى البيت على أنه والد طفلته.
وفي اليوم التالي، كان الأطفال يلعبون تحت الشجرة، فظهر صديق الأب ونادى عليها: "أنا والدك بشكلي الجديد!"
اندهش الأطفال وقالوا: "نعم، انظري إلى أبيك! شكله جميل جدًا، وأجمل من آبائنا وأبيض منهم!"
وعندما حاول الاقتراب منها، ارتعبت الطفلة وخافت، وبدأت تجري: "أنت لست أبي، لا تقترب مني!"، وبدأت تجري والدموع تنهال من عينيها. وفجأة، سمعت من ينادي باسمها... نعم، إنه صوت أبيها! التفتت لتجد أباها يجلس بجانب الشجرة بشكله القبيح الأسود، وفرحت وبدأت تجري نحوه وهي تصرخ: "أبي! أبي!"
قام أبوها واحتضنها حضنًا عميقًا، ووضعت رأسها على كتفه وقالت له: "أبي، أنا أحبك كما أنت، لا تتغير أبدًا، ولا أريد أبًا غيرك..."